responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 34

أنه لا يمكن إدراك كل شيء، وهو مخلوق محصور محدود، فكيف يمكن إدراك غير المحدود والمحصور؟

ولهذا أخبر الله تعالى موسى أنه يستحيل أن يراه، وقد ذكر ذلك بصيغة النفي المؤبد، وعلق إمكانية الرؤية على شيء مستحيل لم يتحقق، فدل على أن رؤية الله التي تحيط به مستحيلة استحالة مطلقة، قال تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: 143]

والإشارة القرآنية في مسارعة موسى إلى التسبيح والتنزيه بعد الإفاقة[1] هو علمه أن الرؤية لا تنفك عن الجهة والجسمية وغيرهما من النقائص، ولهذا نزه الله سبحانه وتعالى عنها.

بل إن الله تعالى يذكر في القرآن الكريم غضبه الشديد على من طلب الرؤية الحسية، فقال: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى الله جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ﴾ [البقرة: 55]

وبذلك تصبح هذه الآيات محكمة يرد إليها كل ما تشابه من النصوص، وخاصة ذلك النص القرآني الذي يستدل به السلفية، مع أنهم يقولون بتأويله، وهو قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ


[1] بناء على القول بتنزيه الأنبياء وعصمتهم المطلقة، فإني أميل في هذه المسألة إلى ما ذكره الزمخشري في قوله عن موسى : (ما كان طلب الرؤية إلا ليبكت هؤلاء الذين دعاهم سفهاء وضلالا. وتبرأ من فعلهم، وليلقمهم الحجر، وذلك أنهم حين طلبوا الرؤية أنكر عليهم وأعلمهم الخطأ ونبههم على الحق، فلجوا وتمادوا في لجاجهم وقالوا: لا بدَّ، ولن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، فأراد أن يسمعوا النص من عند الله باستحالة ذلك، وهو قوله (لَنْ تَرانِي) ليتيقنوا وينزاح عنهم ما دخلهم من الشبهة)، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله، دار الكتاب العربي – بيروت، الطبعة: الثالثة - 1407 هـ، (2/ 153)

اسم الکتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست