responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 196

أو حال خوفه قد تصيبه جراحة وهو لا يحسّ بها فإذا رأى الدّم استدلّ به على الجراحة بل الّذي يعدو في شغل قريب قد تصيبه شوكة في قدمه ولا يحسّ بألمه لشغل قلبه بل الّذي يحجم أو يحلق رأسه بحديدة كآلة يتألّم به فإن كان مشغول القلب بمهمّ من مهمّاته فيفرغ المزيّن أو الحجّام وهو لا يشعر به وكلّ ذلك لأنّ القلب إذا صار مستغرقا بأمر من الأمور مستوفى به لم يدرك ما عداه، فكذلك العاشق المستغرق الهم بمشاهدة معشوقه أو بحبه، قد يصيبه ما كان يتألم به أو يغتم له لولا عشقه ثم لا يدرك غمه وألمه لفرط استيلاء الحب على قلبه، هذا إذا أصابه من غير حبيبه فكيف إذا أصابه من حبيبه) [1]

وأما الثاني، فهو (الرضا به، لا لحظ وراءه، بل لكونه مراد المحبوب ورضا له؛ فقد يغلب الحب بحيث ينغمر مراد المحب في مراد المحبوب، فيكون ألذ الأشياء عنده سرور قلب محبوبه ورضاه ونفوذ إرادته ولو في هلاك روحه كما قيل: (فما لجرح إذا أرضاكم ألم)، وهذا ممكن مع الإحساس بالألم، وقد يستولي الحب بحيث يدهش عن إدراك الألم، فالقياس والتجربة والمشاهدة دالة على وجوده، فلا ينبغي أن ينكره من فقده من نفسه لأنه إنما فقده لفقد سببه وهو فرط حبه، ومن لم يذق طعم الحب لم يعرف عجائبه، فللمحبين عجائب أعظم مما وصفناه) [2]

وكل هذه الأوصاف التي ذكرها الغزالي تنطبق تماما على الإمام الحسين ، بل هو من أكبر مصاديقها، ذلك أنه كان قد سمع منذ صغره الباكر بتلك الروايات التي أخبر رسول الله (صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم) فيها أنه سيقتل، وأنه سيتعرض لبلاء عظيم، ومع ذلك لم يجزع ولم يبدو منه إلا محبة الله، والرضا بما كتب له، بل السرور به، لأنه موافق لمرضاة الله.


[1] المرجع السابق، (4/ 347)

[2] المرجع السابق، (4/ 350)

اسم الکتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 196
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست