اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 85
كما ذكر المفسرون ـ عوتب في كونه اكتفى بالسماع لأحد
الخصمين، الذي قال له: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً
وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} [ص:
23]، فراح داود عليه السلام ـ وبالعاطفة التي تميل بكل إنسان إلى المظلوم، ولو من
غير تحقيق ـ يقول للخصم الآخر: {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى
نِعَاجِهِ} [ص: 24]، وهنا عوتب على الحكم في صالح الخصم الأول، قبل سماعه للخصم
الآخر.
وهذا العتاب
يوجه مثله للكثير من الذين يسارعون إلى لوم الأنظمة والجيوش، بل يستعملون كل
الوسائل العاطفية لتشويهها، بحجة ضربها للمسالمين، ولا يسألون أبدا هل كان أولئك
المسالمون حقيقة مسالمين؟.. وهل ضرب الجيش حقا بتلك الوسائل؟
وأسئلة أخرى
كثيرة على العاقل أن يجيب عنها قبل أن يقف أي موقف، أو يحكم أي حكم، أو يدافع عن
أي جهة، وأولها عن الجهات التي تنشر مثل هذه الأخبار، وتسربها، وتصورها، وهل لها
مصالح في ذلك أم لا؟
حتى يكون حكمه
مستقيما، ولا يعاتب على التسرع في الحكم، أو الانسياق وراء العاطفة المجردة، التي
هي طبع إنساني كريم، ولكنه قد يصبح أداة من أدوات الشيطان لإغواء الأنسان.
وكمثال بسيط على
هذا، ويتعلق بما يستخدمه الإعلام المغرض مما يسمى [مظلومية حماه]، وما فعل بها
الرئيس السوري السابق.. وهم يتداولون هذا الكلام، وينشرونه من غير تحقيق، ولا تثبت
ولا معرفة الأسباب.
ولو أنهم فعلوا
ذلك.. بل لو اكتفوا بالذهاب إلى علماء حماه حينها، بل حتى حركييها الذين ندموا على
تلك المواقف، لخففوا من غلوائهم، وعلموا أن أولئك المظلومين ليسوا سوى ظلمة روعوا
الناس، وأطمعوا الأعداء في سورية، وهددوها بالتقسيم، حتى بادر الجيش السوري كأي
جيش في العالم ليحرر المدينة من أيديهم.
اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 85