اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 51
سلمية عالية، نجد الفرق الكبير بين الحراكين.
وذلك هو حراك
البحرين.. وهو حراك لم يطالب بإسقاط النظام، ولا برحيل الملك، وكل ما طالب به هو
التحول إلى ملكية دستورية بدل الملكية المطلقة، مع احتفاظ الملك بمنصبه، وكان المتظاهرون
مستعدين للحوار، ومطالبهم كانت في منتهى الشرعية والوضوح، فقد كانوا يتألمون لذلك
التطبيع الذي تقوم به مملكتهم مع إسرائيل، وتلك الإتاوات التي تدفعها لأمريكا
مقابل حمايتها.
لكن ذلك الحراك
السلمي قوبل بكل أنواع العنف والتهميش والاحتقار ابتداء من الحركات الإسلامية
نفسها، فقد خرج القرضاوي بوق الفتنة حينها، يندد بذلك الحراك، ويطالب المملكة
بإيقافه وقمعه، مع كونه لم يكن سوى حراك سلمي، وبمطالب شرعية، لكن القرضاوي ـ وفي
خطب الجمعة ـ راح يصيح بأن أولئك المتظاهرين المطالبين بحقوقهم شيعة، ولذلك لا يحق
لهم أن يتكلموا، أو يطالبوا بشيء.. وهو يعلم أن الشيعة هم الأغلبية في البحرين،
وأنه لا يمكن أن يتم أي حراك من دونهم، ويعلم أيضا أن الشيعة بشر كسائر البشر،
ولهم الحق في أي سلوك يفعله إخوانهم في البشرية.. ويعلم فوق ذلك كله أن المتظاهرين
لم يكونوا ينادون بأي شعارات طائفة، بل كان فيهم المنتمون لجميع المذاهب
الإسلامية، لكنه لم يرهم لأن الحقد الذي تشربه قلبه جعله أعمى البصيرة.
وقد شاء الله أن
يمد في عمره ليرى كيف تضعه البحرين في قائمة الإرهابيين، هو والاتحاد الذي أسسه،
وحينها راح يغرد قائلا: (إن الباطل كالرغوة المنتفخة؛ يعلو قليلا ثم يتلاشى ولا
يبقى إلا الماء الخالص)، متناسيا أنه كان بوقا لذلك الباطل، وأنه كان يطالب
بمواجهة المتظاهرين.
وهكذا كان الأمر
مع حكومة الإخوان المسلمين في مصر، والتي كان موقفها سلبيا من ذلك الحراك، بل كانت
تدعو إلى قمعه، في نفس الوقت الذي كانت تطالب فيه الجيش
اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 51