responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 302

لقد صار البوطي في ذلك الحين بفعل هجمات التحريض عدوا لدودا للأمة، وصار الكل يسبه ويشتمه، بل يكفره، إلى أن جاء الدور للقرضاوي بعد أن امتلأ الناس بكل ذلك التحريض، ليؤدي دوره في الإفتاء بقتله، وقتل كل علماء الشام الذين وقفوا مع دولتهم، وصدقوا في وقوفهم معها.

لا أقول هذا الكلام عن معرفة بعيدة، بل أقوله عن معرفة شخصية معه رحمة الله من صغري الباكر، فقد كنت أراه في زياراته الكثيرة للجزائر، وأتصل به كل حين، وكان العالم الوحيد الممتلئ بالتواضع، حيث كان يجلسني بجنبه، ويحدثني وكأنه يحدث شيخا كبيرا، وأذكر مرة أني طلبت منه الدعاء لي، فقال لي: انتظر حتى يجتمع الناس؛ فلما اجتمعوا، راح يدعو وهم يؤمنون، وأذكر أنه حينها توسل بالنبي a، فراح الكثير يجادله في ذلك.

كنت أراه ولا أزال أراه مميزا بين العلماء، فهو يدعو إلى الروحانية، ويشرح الحكم العطائية، وتذرف دموعه كل حين، حتى لا يكاد يتماسك.

وكان عقلانيا يطرح الإسلام بصورته الجميلة النظيفة الهادئة، وكانت سلسلته [هكذا فلندع إلى الإسلام] من الكتب الرائدة في التوجيه الدعوي السليم.

وكان فوق ذلك صاحب رؤية استراتيجية للعمل الإسلامي الذي لا يصطدم بالنظم، وإنما يحاول الاستفادة منها.. ولذلك لم تكن علاقته بالنظام السوري علاقة مصلحة بقدر ما كانت علاقة توجيه وإرشاد ونصح.. وكان محترما بينها لدرجة لا تتصور.

وكان في إمكانه بعد ذلك أن ينشق كما انشق بعض المتثاقلين للدنيا، ويبيع بلده، ويفتي بقتل رئيسه، وإسقاط نظامه.. وكان يمكنه لو فعل ذلك أن ينال من المال والشهرة أضعاف ما يحلم به المستغرقون في الدنيا، لكنه لم يفعل، وعاش زاهد متواضعا إلى أن مات شهيدا.

ومن شاء أن يعرف من قتله، فليسأل ابنه العلامة محمد توفيق.. فقد صرح لجهات

اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 302
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست