اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 268
وعندما جاء ذلك الربيع المشؤوم، وركب الموجة من ركبها
من السلفيين والحركيين راحوا يستغلون اسم الإمام الحسين ليشوهوه، ويحولوا من
أنفسهم أئمة كالحسين، ويحولوا من الحكام الذين ثاروا عليهم طواغيت ومستبدين مثل
يزيد..
وكذبوا في كل
ذلك.. وزادوا الإمام الحسين مظلومية أخرى فوق المظالم التي ظلم بها.
ولو سلمنا جدلا
أن الحكام كانوا طواغيت ومستبدين كيزيد، فإنهم لم يكونوا شعرة واحدة من الإمام
الحسين، فقد كانت المسافة بينه وبينهم شاسعة جدا، لا يمكن تصورها، لذلك كان
اعتبارهم لأنفسهم ممثلين للإمام الحسين، أو مؤدين لدوره كذبة كبيرة، ومظلومية
عظيمة للإمام تضاف للمظالم الكثيرة التي ظلم بها.
وتبدأ المفاصلة
بينهم وبين الإمام الحسين من أول حركة قام بها.. فلم ينهض الإمام مطالبا بسقوط
النظام، بل خرج مع أهله في ثورة مسالمة حتى يعيد الإصلاح لدينه جده a، ويبين أنه لا يقف مع الطواغيت، وقد كانت حركته
تحت إذن إلهي، وتوقيع نبوي، فرسول الله a
أخبر بالمحنة التي تحصل له، لكنه لم يأمره بعدم الخروج، ولا السكوت، بل ترك له ذلك
وأقره عليه، لتبقى حركته للتاريخ جميعا تُختبر بها الأمة التي ضيعته.
ولذلك لم يخرج
الإمام الحسين من عنده، ولا من هواه ومزاجه، وإنما لكونه صاحب الحق الشرعي في تولي
أمر الأمة في جميع مجالاتها، ولذلك اقتنص الفرصة من أول رسالة وصلت له أبلغته
باستعداد الأمة لاحتضانه.
لكن هؤلاء الذين
يزعمون لأنفسهم الاقتداء بالإمام الحسين لم يفعلوا شيئا من ذلك، فلا الأمة فوضتهم،
ولا رسائل أهل الكوفة أتتهم، ولا علماء الدين وحكماؤه اجتمعوا ووكلوا إليهم
أمرهم.. بل كانت كل حركتهم مبنية على هوى مجرد، ولذلك سرعان ما دب الخلاف بينهم،
لأنه لم يكن فيهم إمام واحد، ولا ثورة من دون إمام.
اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 268