responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 218

يزينون بها مكتباتهم، بينما يهجرونها في الواقع، ولو أنهم طبقوها لما أثاروا أي فتنة تحت اسم الإسلام، ولتحركوا كما يتحرك النسيم العليل من دون أن يشعر بحركتهم أحد.

وللأسف كان من رواد الفتنة في الجزائر أولئك الذين يزعمون أنهم تلاميذ فكره.. وكان الشيخ عباسي مدني ذلك الذي لم يتخلف عن فتنة إلا وحشر نفسه فيها يحدثك عن مالك بن نبي وكأنه صديقه الصدوق، بينما هو في سلوكه وتصرفاته ليس سوى عدوه اللدود.

فمالك بن نبي لم يكن يدعو أبدا إلى الفوضى في التغيير.. ولم يكن ينتهج منهج السياسة، بل لم يكن يؤمن بها أصلا.. فالتغيير لا يأتي من القمة، ولا من كراسي السلطة، وإنما يبدأ من الإنسان الذي هو أول أركان من أركان معادلته في النهضة.. فعندما يتغير الإنسان المسلم، ليصبح إنسانا أولا، يحمل كل قيم الإنسانية.. ثم مسلما يحمل كل روحانيات المسلم وشفافيته.. حينها فقط يستحق الجزاء الإلهي والتمكين الإلهي.

لكن الحركة الإسلامية راحت تتجاهل هذا البعد.. وتعتبر الفرد مجرد آلة للوصول إلى الكرسي الأكبر الذي حطمت كل شيء من أجل الوصول إليه.. وأول ما حطمت إنسانيها قبل أن تحطم إسلامها.. فأصبح المسلم أقرب إلى الوحوش والسباع منه إلى الإنسان.. وأصبح على الدعاة ليس دعوة الإنسان إلى الإسلام.. وإنما دعوتهم إلى التحقق بالإنسانية.

وهكذا نرى مالك بن نبي يعتبر الوقت شرطا مهما في كل شيء.. ولذلك يدعو إلى الأناة المصحوبة بالحركة الواعية، لكن الحركات الإسلامية، وخصوصا تلك التي تتصور أنها تتبناه، راحت تتجاهل هذا المعنى، وتتسرع في كل شيء.. وتصيح كل حين: إلى متى نبقى بعيدين عن السلطة؟.. وإلى متى تبقى السلطة بعيدة عن الإسلام؟.. أو كما قال شيخهم عباسي مدني في الفترة التي ملأ فيها الغرور عقله: (سنقيم دولة الإسلام في الشتاء المقبل)

وكان مالك بن نبي يذكر كل حين أن الاستعمار الذي ولى عن بلادنا سيعود بحلل أخرى، وأنه سيستعمل كل الوسائل لاختراق العقول التي لها القابلية لذلك، وكانت مقولته

اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 218
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست