اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 215
كذلك، بل كتبه قبل حصولها، وبالضبط في منتصف
الستينيات من القرن العشرين، ليوجهه نصيحة لها قبل أن تقدم على ما أقدمت عليه، وقد
دعاه إلى ذلك ما رآه في صراع إخوان مصر حينها مع السلطة، والذي جرهم إلى ما جرهم
إليه من اعتقالات كان يمكنهم تفاديها لو أنهم اكتفوا بالتغيير لما في الأنفس،
والتزموا المنهج الهادئ.
وقد بين جودت
سعيد في ذلك الكتاب أنه لا يجوز الوصول إلى السلطة والحكم بالقوة وبالسيف، فكل من
أخذ بالسيف بالسيف يهلك، والتغيير بالقوة لا يغير المجتمع وإنما يذهب بهرقل ويأتي
بهرقل، ولذلك منع الرسول a أصحابه من الدفاع عن
أنفسهم أثناء وجودهم في مكة، وإنما سمح لهم الجهاد بالسيف بعد أن تشكل المجتمع
الراشد في المدينة بدون ممارسة عنف وإنما بإقناع الناس، وعندما يتشكل المجتمع
الراشد يصبح من واجبه نصرة المظلومين والدفاع عن سلامتهم.
ومن كتبه المهمة
الممثلة لمشروعه البديل كتاب[حتى يغيروا ما بأنفسهم]، والذي قدمه له [مالك بن نبي]
الذي نرى الحركة الإسلامية تتبنى شخصه، وتحارب أفكاره.
وقد طرح جودت سعيد
في كتابه ذلك منهج الوصول إلى السلطة الذي تطمح إليه الحركة الإسلامية، فهو منهج
يعتمد على تغيير ما بالأنفس، والذي يؤدي بالضرورة إلى تغيير الواقع، ففي الآية
الكريمة ـ كما يفهم جودت سعيد ـ تغييران: تغيير يؤديه الله، وتغيير يقوم به القوم،
والتغيير الأول نتيجة للتغيير الثاني، فالله لن يغير حتى يقوم القوم بالتغيير
أولاً. كما أن مجال التغيير الذي يحدثه الله، هو ما بالقوم، والتغيير الذي أسنده
الله إلى القوم، مجاله ما بأنفس القوم.
ويختم كتابه
بقوله: (كم من حقائق قرآنية أولية بسيطة على مسمع كل أحد في قارعة الطريق، ولكن مع
هذا كله لا ينتبه إليها منتبه، وكم من المصائب التي تسد علينا منافذ الحياة تنشأ
عن هذا النسيان وعدم الانتباه.. وكم من الآلاف المؤلفة من الشباب يصابون بخيبة
أمل،
اسم الکتاب : سورية والحرب الكونية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 215