اسم الکتاب : إيران نظام وقيم المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 454
لكن
ها هم الآن، قد بدأوا يفهمون بالتدريج، فهم يشعرون بخسائر لا تعوّض تصيبهم شيئًا
فشيئًا. لا يتوهمنّ أحد أنّ حضارة ماديّة محضة، وبعيدة عن المعنويّة ستستطيع أن
تروي شعوبها ماءً هنيئًا زلالًا. كلا! سوف يلاقون الأمرّين، وهاهم الآن يعانون
الأمرّين. ليس بسبب هذه التظاهرات في شوارع أوروبا وما إلى ذلك، كلا، إنّ مصيبة
الغرب هي أعمق من هذه الأمور. إنّ حاجة الإنسان الضروريّة والأساسيّة، قبل كلّ
شيء، هي للأمن الروحي والأمن الأخلاقي، والأمن الوجداني وراحة الضمير. وهذه الأمور
مفقودة في البيئات الغربيّة، وسوف يزداد الوضع سوءًا يومًا بعد يوم. حين تطّلعون على
ما يقوله كتّابهم ونقاّدهم ومفكّروهم، تشاهدون بوضوح كيف أنّهم ومنذ سنوات ارتفعت
أصواتهم، وقرعوا جرس الإنذار، وها هم ينشرون أخبار وأسرار الزوايا المظلمة
والفاسدة، وكيف أنّ الفساد يتضاعف في مجتمعهم. هكذا هي الحياة الماديّة. نعم، هم
تطوّروا من النواحي العلميّة والتقنيّة وما شابه، أنجزوا أعمالًا كبيرة، لكنّ
الجانب الآخر من القضيّة بقي متروكًا ومعطّلًا، وهذا ما يشلّهم ويطرحهم أرضًا)[1]
وهو
يذكر بألم واقع العالم، وبعده عن مراعاة القيم الأخلاقية، والسلوك المتناسب مع
طبيعة الإنسان ووظائفه، فيقول: (العالم يسير حالياً في طريق سيئ. ويعيش أوضاعاً
سيئة. الأخلاق تُسحق في العالم. والشعوب تعاني وتتألم من هذا الانحطاط الأخلاقي،
ومفكرو الشعوب متنبهون لهذه الخسارة الكبرى، ويبدون انزعاجهم وقلقهم، وهذا ما يمكن
أن يلاحظ من كلامهم وآرائهم)[2]
ويذكر
كذلك الدور الذي على إيران أن تفعله لإنقاذ البشرية من هذا التيه، وذلك بإعطائها
النموذج المثالي عن القيم الرفيعة التي تحكم الحياة، وتساهم التربية في تشكيلها،