اسم الکتاب : إيران نظام وقيم المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 273
من
عنده لأداء كُتُبه، ويكونَ مرصدًا له إذا قدم عليهم بعد ذلك، فشرعوا في بناء مسجد
مجاور لمسجد قباء، فبنوه وأحكموه، وفرغوا منه قبل خروج النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم إلى تبوك، وجاءوا فسألوا رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم أن يأتي إليهم فيصلي في مسجدهم، ليحتجوا
بصلاته عليه السلام فيه على تقريره وإثباته، وذكروا أنهم إنما بنوه للضعفاء منهم
وأهل العلة في الليلة الشاتية، فعصمه الله من الصلاة فيه فقال: (إنا على سفر، ولكن
إذا رجعنا إن شاء الله)، فلما قفل عليه السلام راجعًا إلى المدينة من تبوك، ولم
يبق بينه وبينها إلا يوم أو بعض يوم، نزل عليه الوحي بخبر مسجد الضِّرار، وما
اعتمده بانوه من الكفر والتفريق بين جماعة المؤمنين في مسجدهم مسجد قباء الذي أسس
من أول يوم على التقوى، فبعث رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم إلى
ذلك المسجد من هَدَمه قبل مقدمه المدينة)[1]
هذا
ما ذكره ابن كثير، وما ذكره قبله وبعده الكثير من العلماء الذين اعترفوا بصحة هذه
القصة، وقد تعمدنا ذكرنا هنا لنبين أن المساجد ليست ببنائها، وإنما بالتقوى
والإيمان الذي وجد فيها؛ فإذا تحول المساجد إلى أداة للفتنة، فإنه لا خير فيه، بل
إن دور الملاهي والفجور حينها تكون أفضل منه.
لهذا،
فإن الصور التي يبثها البعض حول مسجد مهدوم في إيران، نجد مثلها في كل بلاد
المسلمين؛ فلا يمكن لأي دولة تحترم نفسها أن تغض الطرف عن دعاة الفتن والتحريض
الطائفي دون أن تقطع دابرهم، أو تصد فتنتهم، حتى لو اتخذوا المساجد ملاجئ لهم،
مثلما فعل أولئك المنافقون الذي أمر رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بهدم مسجدهم، وجعل ذلك سنة يتولاها كل حاكم صالح بعده، حتى لا
يُتخذ الدين، وشعائر الله محال للفتنة.
ولذلك؛
فإن الذين يصيحون بأن إيران تمنع مساجد السنة محقون في ذلك إن قصدوا