اسم الکتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 521
منها في أقصر الأوقات، وبأكمل استفادة.
وقد يتصور أن هذا من الغلو، فكيف يقتصر على القرآن الكريم، وهناك الكثير مما
يحتاج الصبي إلى تعلمه من الرياضيات واللغات الأجنبية وعلوم الطبيعة والحياة
وغيرها من العلوم الكثيرة؟
والجواب على ذلك: أن كل ما ذكر من العلوم وغيرها مما تمارسه المدارس، وتبالغ
في ممارسته لم ينجح في تكوين الجيل الصالح المتعلم الذي يفيد نفسه، ويفيد مجتمعه،
وذلك لأن الانطلاقة كانت خاطئة.
ومثال ذلك مثال من وضع في مستشفى، ولفترة محدودة، فانشغل الأطباء ـ بدل
علاجه، وتأهيله للحياة خارج المستشفى ـ بتعليمه الحساب والجبر والعلوم، فيخرج
بمرضه كما دخل، لم ينتفع بما تعلمه، ولا يستطيع أن ينفع لأن ما به من أمراض لا زال
يجعل بينه وبين ذلك الحوائل.
ومثل ذلك مثل الصبي في أول نشوئه، فهو في وضع يمكن أن يشكل منه أي قالب،
لتبنى حياته بعد ذلك على أساس ذلك القالب، فإن فرط في تلك الفترة، وانشغل المعلمون
والمؤسسات التربوية بالحشو الخالي من التربية كان لذلك أثره السلبي الخطير.
ثم إنه لن يعجز من حفظ القرآن الكريم وتعمقت معانيه في نفسه من أن يحصل كل
ما يتصور أنه فاته، في أقصر الآماد، لأن الملكات التي استفادها أثناء حفظه للقرآن
الكريم، وأثناء تعميقه لمعانيه ستكون أسسا صحيحة قوية لذلك، ولأكبر منه.
زيادة على ذلك فإن المدارس والجامعات تشكو الانحراف الخطير الذي يقع فيه
المتعلمون، وهو ما يحول بينهم، وبين الاستفادة، وسر ذلك هو ما بدأوا به حياتهم من
الانشغال بالجمع لا بالتحقيق، وبصورة العلم لا بحقيقة العلم.
اسم الکتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 521