اسم الکتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 516
أما أهل الأندلس، فقد كان مذهبهم يعتمد على (تعليم القرآن والكتاب من حيث
هو، وهذا هو الذي يراعونه في التعليم، إلا أنه لما كان القرآن أصل ذلك وأسه
ومنبع الدين والعلوم جعلوه أصلاً في التعليم، فلا يقتصرون لذلك عليه فقط بل يخلطون
في تعليمهم للولدان رواية الشعر في الغالب والترسل وأخذ هم بقوانين العربية وحفظها
وتجويد الخط والكتاب.
ولا تختص عنايتهم في التعليم بالقرآن دون هذه بل عنايتهم فيه بالخط أكثر من
جميعها إلى أن يخرج الولد من عمر البلوغ إلى الشبيبة، وقد شدا بعض الشيء في
العربية والشعر والبصر بهما وبرز في الخط والكتاب وتعلق بأذيال العلم على الجملة
لو كان فيها سند لتعليم العلوم ولكنهم ينقطعون عند ذلك فانقطاع سند التعليم في
آفاقهم، ولا يحصل بأيديهم إلا ما حصل من ذلك التعليم الأول وفيه كفاية لمن أرشده
الله تعالى واستعداد إذا وجد المعلم)
وأما أهل تونس، فقد كان مذهبهم يعتمد على (تعليمهم للولدان القرآن بالحديث
في الغالب، ومدارسة قوانين العلوم وتلقين بعض مسائلها، إلا أن عنايتهم بالقرآن
واستظهار الولدان إياه ووقوفهم على اختلاف رواياته وقراءاته أكثر مما سواه،
وعنايتهم بالخط تبع لذلك. وبالجملة فطريقتهم في تعليم القرآن أقرب إلى طريقة أهل
الأندلس، لأن سند طريقتهم في ذلك متصل بمشيخة الأندلس الذين أجازوا عند تغلب
النصارى على شرق الأندلس، واستقروا بتونس وعنهم أخذ ولدانهم بعد ذلك)
وأما أهل المشرق، فقد كان مذهبهم يعتمد على (دراسة القرآن وصحف العلم
وقوانينه في زمن الشبيبة، ولا يخلطون بتعليم الخط، بل لتعليم الخط عندهم قانون
ومعلمون له على انفراده كما تتعلم سائر الصنائع ولا يتداولونها في مكاتب
الصبيان. وإذا كتبوا لهم الألواح فبخط قاصر عن الإجادة. ومن أراد تعلم الخط
فعلى قدر ما يسنح له
اسم الکتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 516