responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 242

ومن نتائج هذه الأخلاق الرأسمالية على المستوى الأممي ما نراه من جشع وحرص قد تباد لإروائه شعوب بأكملها، كما فعل بالهنود الحمر بحثاً عن الذهب الأصفر، وكما فعل مع سكان مستعمراته في إفريقيا حيث اقتيد منهم الألوف - بعد أن نهب خيرات أوطانهم - مكبلين بالأغلال في الأعناق والأيدي والأقدام استغلالاً لسواعدهم وقوة أجسامهم في استثمار اقتصادي لا يعود نفعه إلا إلى الرأسمالي ذاته.

ثم من وحي أخلاقه الرأسمالية اعتمد معيار اللون والثراء في التفاضل ؛ فالنازية في ألمانيا، جعلت العرق الآري أفضل من وجد على الأرض، والرجل الأبيض عموماً في أوروبا وأمريكا وأفريقيا مارس أخلاقيات التفريق العنصري، واصطفى ذاته لتكون في القمة، واضطهد السود - لمجرد أنهم سود - في أمريكا، وحتى وقت قريب في جنوب إفريقيا، ولم تنعتق هذه الشعوب من قبضته واضطهاداته إلا عبر تضحيات باهظة التكاليف ونضالات عنيدة ومتواصلة حتى انتزعت من بين فكيه شيئاً من حقوقها، ثم في تناقض صارخ كثيراً ما نسمع ضجيجه عن حقوق الإنسان، مصاغة وفق اختياراته واستحساناته، منطلقة من جذور عقائد محرفة، وأهواء قاصرة، وأخلاقيات نفعية، تساير الظلم وتسانده إذا ما رأت فيه مبتغاها.

وما يقال في الأخلاق الرأسمالية يقال في الأخلاق الاشتراكية والشيوعية، وهي أخلاق ظن البعض أنها تنقذهم من وحش الرأسمالية الكاسر، لكنها أوقعتهم في وحش آخر، لا يقل فتكه عن فتك الوحش الرأسمالي.

فهي أخلاق تنطلق من أصوله الإلحادية، كما تنطلق الأخلاق الرأسمالية من أصول شركية، وهي تقرر أن سعادة الإنسان تكمن في أخلاقيات الصراع الطبقي التي تدفع به - حسب زعمهم - إلى حياة الرفاه والرغد في مجتمع شيوعي تغيب عنه الدولة وتختفي فيه شارات الشرطة ويحكمه قانون (من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته)،

اسم الکتاب : الأبعاد الشرعية لتربية الأولاد المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 242
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست