اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 54
لَهَا مِنْ فُرُوجٍ﴾ (قّ:6)، وقال تعالى:﴿
فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ﴾ (عبس:24)، وقال تعالى:﴿
فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ﴾ (الطارق:5)، وقال تعالى:﴿ أَفَلا
يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾ (الغاشية:17)وغيرها من آيات
القرآن الكريم.
وكأن القرآن الكريم بذلك يرشدنا إلى البحث لإدراك فضل
الله علينا، فلذلك كان اللجوء للعلم، واستخدام المعلومة في هذا الباب مسلكا
قرآنيا، يزيد من تعميق معاني الشكر في المؤمن.
نعم إن كثيرا من النعم لا يحتاج الإنسان إلى العلوم
المتخصصة ليعرف منافعها وفوائدها، لكن هذه العلوم تُوسِّعُ معارف الإنسان، فيعرف
منها ما لا يعرفه بالنظر العادي أو بالتجربة العادية[1].
فالحواس الخمس، واللسان والفم، واليدان والرجلان،
والماء والهواء، والطعام واللباس، والشمس والقمر، والليل والنهار.. نِعَم يستطيع
كل إنسان أن يعد منافعها، ولكن العلوم التي درست هذه النعم تعرف عنها أكثر مما
يعرفه الشخص العادي، فهذه العلوم في مسيرتها الطويلة كشفت بقصد أو بغير قصد من
وجوه المنافع في الشيء الواحد ما يجعل نعمة واحدة من نِعَم الله نعم لا تحصى؛ لأن
إحصاءها لا يمكن إلا وهي محصورة، فكيف وهي تتجدد وتزيد، ويظهر في نعم معروفة ما لم
يكن معروفاً ؟، فكيف يحصي الإنسان شيئاً لا ينحصر ؟
فلو قام الإنسان برحلة عقلية مع الجنين في أطوار خلقه
حتى يصير إنساناً سويّاً، وقام برحلة مماثلة مع الطعام خارج الجسم ثم داخل الجسم
حتى يصير غائطاً وبولاً.. ما استطاع أن يحصي نعم الله عليه في هاتين الرحلتين
اللتين يمر بالأولى مرّاً، أو يمر بالثانية
[1]
انظر: د. محمد عز الدين توفيق، فضيلة الشكر..العملة النادرة في هذا العصر، مجلة
البيان: 114، ص:68.
اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 54