اسم الکتاب : أساليب التربية وضوابطها الشرعية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 23
نراه من عذاب، لتحول شهوات النفس العابثة أخلاقا كريمة
وصفات فاضلة، فلا يردع اللذة مثل الألم، ولا يقمع الشهوة العابثة مثل سياط الخوف.
ولهذا أخبر a أن من السبعة
الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:(ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال
إني أخاف الله رب العالمين)[1]
فالخوف الذي ربي عليه هذا الذي تعرض لهذا الموقف هو
الذي حماه من إغرائه، ولهذا قال لقمان u لابنه وهو يعظه:﴿
وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ
اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ (لقمان:18)
فجعل الدليل على تحريم الخيلاء والافتخار عدم محبة الله
لذلك، وهي منشأ بعد العبد عن الله، وهي بالتالي سبب عذابه.
ومثل الآثار السيئة التي تنشئها المبالغة في التبشير
الآثار السيئة التي تنشئها المبالغة في الإنذار، لأنه قد يؤدي إلى القنوط من رحمة
الله، وهو بذلك يعرف الله تعريفا خاطئا، ينفي عنه صفات الود والرحمة واللطف
بعبادة، وذلك خلاف هدي القرآن الكريم في مخاطبة المذنبين، بل المسرفين على أنفسهم
بألوان الذنوب، قال تعالى:﴿ قُلْ
يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ
رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ
الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (الزمر:53)، فالله تعالى عرف نفسه لهؤلاء المسرفين
بكونه غفورا رحيما، ومن الخطأ أن نعرفهم لهم بغير ما عرفهم به.
بل إن هذا التعريف هو الذي يحرك القلوب للسير نحو الله،
ويكبح الغرائز عن معارضة الرحيم الودود، وقد روي أن بعضهم حارب، وأخاف السبيل،
وأصاب الدم والمال، فطلبه الأئمة والعامة فامتنع، ولم يقدروا عليه حتى جاء تائباً،
وسبب توبته أنه