اتفق الفقهاء على أن من شروط ولي اليتيم أن يكون عدلا لأنها
ولاية، وتفويضها إلى غير العدل تضييع للصبي ولمال الصبي.
وقد نقل الجصاص الإجماع على هذا الشرط، فقال:(ولا خلاف في ذلك
نعلمه، ألا ترى أنه لا خلاف بين المسلمين في أن القاضي إذا فسق بأخذ الرشا أو ميل
إلى هوى وترك الحكم أنه معزول غير جائز الحكم؟ فكذلك حكم الله فيمن ائتمنه على
أموال الأيتام من قاض أو وصي أو أمين أو حاكم، فغير جائز ثبوت ولايته في ذلك إلا
على شرط العدالة وصحة الأمانة)[2]
ومما استدل به على ذلك قوله تعالى:﴿ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا
عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً﴾ (النساء:6)، قال الجصاص في بيان
وجه الاستدلال بها:(الآية التي تقدم ذكرها في أمر الأيتام تدل على أن سبيل الأيتام
أن يلي عليهم غيرهم في حفظ أموالهم والتصرف عليهم فيما يعود نفعه عليهم وهم وصي الأب
أو الجد إن لم يكن وصي أب، أو وصي الجد إن لم يكن أحد من هؤلاء، أو أمين حاكم عدل
بعد أن يكون الأمين أيضا عدلا ؛ وكذلك شرط الأوصياء والجد والأب وكل من يتصرف على
الصغير لا يستحق الولاية عليه إلا أن يكون عدلا مأمونا. فأما الفاسق والمتهم من
الآباء والمرتشي من الحكام والأوصياء والأمناء غير المأمونين فإن واحدا من هؤلاء
غير جائز له التصرف على الصغير)[3]
وقد نصوا على أن العدالة المشروطة في الولاية على اليتيم هي
الولاية الظاهرة والباطنة