اسم الکتاب : حقوق الأولاد النفسية والصحية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 288
واهب الإناث
كما أنه واهب الذكور، كما أنه الواهب بمنع كل ذلك على من يشاء.
وقد عبر
تعالى عن إعطائه الإناث بصيغة الهبة، مسويا لهم في ذلك مع الذكور[1]، ومن سوء الأدب الاعتراض على هبة الكريم، وازدرائها، قال ابن القيم:(قسم
سبحانه حال الزوجين إلى أربعة أقسام اشتمل عليها الوجود، وأخبر أن ما قدره بينهما
من الولد فقد وهبهما إياه، وكفى بالعبد تعرضا لمقته أن يتسخط ما وهبه)[2]
بل إن الله
تعالى قدم الإناث في الذكر على الذكور، ليبين أن رحمته بإعطاء الأنثىقد تكون أعظم
من رحمته بإعطائه الذكور[3]، لمن عرف كيف يتعامل مع هبة الله.
وفي التعبير
بالهبة دلالة أخرى لها أهميتها الواقعية، وهي أن الكثير من العامة يتصورون أن جنس
المولود سببه الأم، فلذلك قد يطلق الرجل امرأته إن ولدت له إناثا[4]،
[1] وقد يتعلل البعض هنا
بقوله تعالى:) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ
إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ
كَالْأُنْثَى)(آل عمران:36)، فاعتبر الذكورة خيرا من الأنوثة، وهذا خطأ كبير، وهو
تحميل للآية ما لا تحتمله، لأن هذه المرأة الصالحة إنما قصدت بكلامها « أنها نذرت
خدمة المسجد في ولدها، فلما رأته أنثى لا تصلح وأنها عورة اعتذرت إلى ربها من
وجودها لها على خلاف ما قصدته فيها».
[3] من الأسرار التي ذكرها
العلماء لتقديم الأنثى على الذكر في الآية:
1.جبرا لهن
لأجل استثقال الوالدين لمكانهن.
2. إنما
قدمهن لأن سياق الكلام أنه فاعل ما يشاء لا ما يشاء الأبوان فان الأبوين لا يريدان
إلا الذكور غالبا وهو سبحانه قد أخبر أنه يخلق ما يشاء فبدأ بذكر الصنف الذي يشاء
ولا يريده الأبوان، وهذا أحسن من الذي قبله.
3.أنه سبحانه
قدم ما كانت تؤخره الجاهلية من أمر البنات حتى كانوا يئدوهن « أي هذا النوع المؤخر
عندكم مقدم عندي في الذكر » وقد ذكر هذا الوجه ابن القيم واختاره.
[4] ذكر القرطبي عن بعض العرب
أن امرأته ولدت بنتا، فهجر البيت وصار في بيت زوجته الأخرى، فقالت:
ما لأبي
حمــزة لا يأتيـــنا غضـبان ألا نـلد البنينا
يظل في البيت
الذي يليــــنا تالله ما كان ذلك في أيدينا
بل نحن
كالأرض لزارعـينــا يلبث ما قد زرعوه فيـنا
وإنما نأخذ
ما أعطينا.
اسم الکتاب : حقوق الأولاد النفسية والصحية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 288