responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام الطلاق والفسخ وآثارهما المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 63

هذا الباب هو ذلك الورع البارد الذي يحمل البعض على الإسراع بالإفتاء بالتطليق خشية أن تصبح معاشرة المستفتي مع زوجته معاشرة سفاح، وأن يصبح أولادهما أولاد زنى، فيفتي بالطلاق كما يفتي ببطلان الصلاة، متصورا أن كلتا النتيجتين واحدة، بل إنه في الصلاة قد يبرز تضلعه الفقهي ليبين للعامي كيف يرقع صلاته، ويبذل من الجهد في ذلك ما لو بذل عشره لحمى بيوت المسلمين من التصدع.

والورع في هذا الباب كما نراه ليس في التفريق بين المرء وزوجه وإنما في البحث المضني وببذل أقصى الطاقة لإرجاعه لزوجته إرجاعا شرعيا، ولو بغير ما يقتنع به من أقوال الفقهاء، فقناعته لا ينبغي أن تتحكم في مصالح المسلمين.

وقد قال الإمام أحمد، مبينا موضع الورع الحقيقي في هذا الباب: (الذي لا يأمر بالطلاق فإنما أتى خصلة واحدة والذي يأمر الطلاق قد أتى خصلتين: حرمها عليه، وأحلها لغيره، فهذا خير من هذا، وأنا اتقي جميعها) [1]

وبين ابن القيم أن هذا هو سنة رسول الله a في هذا الباب، فللورع ميادينه الخاصة التي لا يصح تجاوزها، قال ابن القيم:(فعند رسول الله a السعة والرحمة وعند غيره الشدة والنقمة، فما جاءه مكروب إلا وجد عنده تفريج كربته ولا لهفان إلا وجد عنده إغاثة لهفته، فما فرق بين زوجين إلا عن وطر واختيار، ولا شتت شمل محبين إلا عن إرادة منهما وإيثار، ولم يخرب ديار المحبين بغلظ اللسان ولم يفرق بينهم بما جرى عليه من غير قصد الإنسان، بل رفع المؤاخذة بالكلام الذي لم يقصده بل جرى على لسانه بحكم الخطأ والنسيان أو الإكراه والسبق على طريق الاتفاق) [2]

ونذكر هنا للاستدلال على هذا الأساس ما أورده الغزالي من ردود على الشبه التي


[1] طلاق الغضبان:45.

[2] طلاق الغضبان:25.

اسم الکتاب : أحكام الطلاق والفسخ وآثارهما المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 63
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست