اسم الکتاب : أحكام الطلاق والفسخ وآثارهما المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 623
الصحابة والتابعين ومن بعدهم، على اختلاف بينهم في حقيقة الإكراه وشروطه،
فقد روي أن ثابتا بن الأحنف عصروا رجله حتى طلق، فأتى ابن عمر وابن الزبير فلم
يريا ذلك شيئا.
وعن ابن عباس قال: ليس على المكروه، ولا المضطهد طلاق، وقد أن رجلا تدلى
يشتار عسلا في زمن عمر، فجاءته امرأته فوقفت على الحبل، فحلفت لتقطعنه أو لتطلقني
ثلاثا، فذكرها الله والإسلام، فأبت إلا ذلك، فطلقها ثلاثا. فلما ظهر أتى عمر فذكر
له ما كان منها إليه ومنه إليها، فقال: ارجع إلى أهلك فليس هذا بطلاق.
قال ابن القيم:(واختلف في ما لو أمكنه التورية فلم يور، والصحيح أنه لا يقع
به الطلاق، وإن تركها ؛ فإن الله تعالى لم يوجب التورية على من أكره على كلمة
الكفر، وقلبه مطمئن بالإيمان، مع أن التورية هناك أولى، ولكن المكره إنما لم يعتبر
لفظه ؛ لأنه غير قاصد لمعناه، ولا مريد لموجبه، وإنما تكلم به فداء لنفسه من ضرر
الإكراه، فصار تكلمه باللفظ لغوا بمنزلة كلام المجنون والنائم ومن لا قصد له، سواء
ورى أو لم يور، وأيضا فاشتراط التورية إبطال لرخصة التكلم مع الإكراه، ورجوع إلى
القول بنفوذ طلاق المكره ؛ فإنه لو ورى بغير إكراه لم يقع طلاقه، والتأثير إذا
إنما هو للتورية لا للإكراه، وهذا باطل، وأيضا فإن الموري إنما لم يقع طلاقه مع
قصده للتكلم باللفظ ؛ لأنه لم يقصد مدلوله، وهذا المعنى بعينه ثابت في الإكراه،
فالمعنى الذي منع من النفوذ في التورية هو الذي منع النفوذ في الإكراه)[1]
الطلاق حال عدم القصد:
كأن يكون المطلق ذاهلا، أو ناسيا، أو مخطئا، أو جاهلا، أو مكرها، أو متأولا،
أو