ومرادنا من هذا أن المسألة محتملة لكلا الوجهين فلذلك لا حرج من اعتبار ما
ذكرناه، فهو من الوجوه المحتملة، ولو أن ابن القيم رجح وجها آخر عبر عن بقوله:(والذي
يظهر في هذا، والله المستعان وعليه التكلان، أن حكم اللعان قطع حكم الشبه، وصار
معه بمنزلة أقوى الدليلين مع أضعفِهما، فلا عبرة للشبه بعد مضي حكم اللعان في
تغيـير أحكامه، والنبـيُّ a لم يُخبِر عن شأن الولد وشبهه ليغير بذلك حكم اللعان،
وإنما أخبر عنه، ليتبـين الصادقُ منهما من الكاذب الذي قد استوجبَ اللعنة والغضب،
فهو إخبار عن أمر قدري كوني يتبـين به الصادقُ مِن الكاذب بعد تقرر الحكم الديني،
وأن الله سبحانه سيجعل في الولد دليلاً على ذلك، ويدل عليه أنه a قال ذلك بعد
انتفائهِ من الولد، وقال: (إِن جَاءَت بِهِ كذا وكذا، فَلَا أُرَاهُ إِلا صَدَقَ
عَلَيها، وَإِن جَاءَت بِهِ كَذَا وَكَذَا، فَلَا أُرَاهُ إِلا كَذَبَ عَلَيها)،
فجاءت به على النعت المكروه، فعلم أنه صَدَقَ عليها، ولم يَعرِض لها، ولم يفسخ حكم
اللعان، فيحكم عليها بحكم الزانية مع العلم بأنه صدق عليها) [2]
وما ذكره ابن القيم من عدم انتفاء اللعان صحيح لأن من مقاصد اللعان درء
الحد، فلذلك لا يفسخ اللعان، ولا يقام على الرجل أو المرأة الحد حتى لو ثبت صدق
أحدهما، وإنما الذي ذكرناه هو أمر له علاقة بالنسب حرصا على إثباته لأهله لتشوف
الشرع لإثبات الأنساب، وهو أمر تبعي للعان وأثر من آثاره، فلذلك يمكن تخلفه، بل
يتحرى القاضي لإزالته، فهو أخطر آثار اللعان.
ولو أن ابن القيم اطلع على دقة الوسائل الحديثة في إثبات الأنساب لقال بما