اسم الکتاب : الحقوق المادية والمعنوية للزوجة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 393
وذلك لأنه لم يعد للحية ـ كمظهر يظهر به الرجال ـ تلك القدسية التي كانت لمن قبلنا، بحيث كانت مظهرا الناس جميعا مؤمنهم وكافرهم، وكان حلق اللحية نوعا من التشويه والمثلة، التي كان يرغب عنها الرجال، وتنفر منها النساء، بل صارت شيئا خاصا بثلة قليلة.
فإذا تأذت المرأة منها، لا باعتبارها سنة، بل باعتبارها مظهرا من المظاهر لا يختلف عن سائر المظاهر، فليس على الرجل من حرج في حلقها إذا كان من نيته تحقيق معاشرتها بالمعروف.
ودليل هذا هو ما سماه الفقهاء بـ (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)، فاللحية مصلحة، ولكن سوء العشرة الذي ينجر عنها مفسدة خطيرة، فلذلك كان الأولى هو الاهتمام بالأهم فالمهم، خاصة مع وقوع الخلاف فيها.
وقد اعتبر a هذا في أمر أخطر من اللحية، عندما جاءته جميلة بنت سلول فقالت: والله ما أعيب على ثابت في دين ولا خلق ولكني أكره الكفر في الإسلام، لا أطيقه بغضا! فقال لها النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم:(أتردين عليه حديقته؟) قالت: نعم. فأمره رسول الله rأن يأخذ منها حديقته ولا يزداد[729].
وقد كان يقال: إنها كانت تبغضه أشد البغض، وكان يحبها أشد الحب، ففرق رسول الله r بينهما بطريق الخلع، فكان أول خلع في الإسلام، وقد روي في رواية أخرى سبب بغضها لها فقد روى عكرمة عن ابن عباس قال: أول من خالع في الإسلام أخت عبدالله بن أبي، أتت النبي r فقالت:(يا رسول الله، لا يجتمع رأسي ورأسه أبدا، إني رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل في عدة إذ
[729] ابن ماجة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس، وسيأتي تخريجه مفصلا.
اسم الکتاب : الحقوق المادية والمعنوية للزوجة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 393