responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحقوق المادية والمعنوية للزوجة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 391

فقطعه، وفي رواية: فدعا بسواك، فوضعه تحت شاربه، ثم دعا بشفرة فقصه عليه[726].

ومن المسائل المتعلقة بهذا ما يرتبط بالزينة المرتبطة باللحية، وهي ـ في أصل خلقها ـ من زينة الرجل، ومن دلائل رجولته، لا من الشعر الزائد، ولهذا ورد الأمر بإعفائها، ففي الحديث عن النبي صلی‌الله‌علیه‌وآله‌وسلم قال: (خالفوا المشركين، وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب) [727]. والمراد بتوفيرها إعفاؤها كما في رواية أخرى أي تركها وإبقاؤها، وقد بين الحديث علة هذا الأمر وهو مخالفة المشركين.

وهذا الأمر يحتمل ان يكون من باب السنية، ويحتمل أن يكون من باب الوجوب، وليس الأمر بالخطورة التي يتصورها بعض الناس، فيحولها إلى أصل من أصول الدين التي يحكم من خلالها على الناس بالسنة أو البدعة، فالسنة أعظم شأنا من اختصارها في هذه المظاهر.

ونحب أن ننبه إلى ناحية مهمة ـ لها علاقة بهذه الناحية ـ وهي ضرورة الاهتمام بها وتحسينها، وقص الزائد منها، لأن تركها كذلك قد يؤدي إلى طولها طولا فاحشا، يتأذى به صاحبها، وتتأذى به بعد ذلك زوجته.

ونحب أن نتجرأ ـ هنا ـ فنرى رأيا ـ نستغفر الله من الخطأ فيه ـ وهو أنه يجوز للزوج، بل يندب له أن يحلق اللحية في حال تأذي زوجته منها، وخاصة إن اشتد ذلك الأذى، وكان فتنة لها[728].


[726] شعب الإيمان: 5/222.

[727] البخاري: 5/2209، مسلم: 1/222، البيهقي: 1/150، شعب الإيمان: 5/220.

[728] وقد رجحنا هذا بناء على القول بجواز حلق اللحية مع الكراهة، وقد قال به كثير من الفقهاء من السنة والإمامية، فالمعتمد في المذهب الشافعي هو الكراهية لا التحريم. وليس للإمام الشافعي نص في المسألة ولا أحد من أصحابه، والفتوى عند الشافعية المتأخرين تكون على ما قرره الرافعي والنووي، وابن حجر والرملي. وقد نقل النووي (676هـ) في شرح مسلم (3/149) عن العلماء، حيث ذكر اثنا عشر خصلة مكروهة في اللحية، منها: «حلقها». ونص صراحة على الكراهية في كتابه &qعلیه‌السلامot;التحقيق&qعلیه‌السلامot; الذي كتبه بعد المجموع والروضة، كما في مقدمته. وكذلك فهم المتأخرون من الشافعية كلامه على الكراهة. ويكفي في ذلك الفقيه ابن حجر الهيتمي إذ هو عمدة المتأخرين، وقال الرملي الشافعي في فتاواه (4/69): «حلق لحية الرجل ونتفها مكروه لا حرام. وقول الحليمي في منهاجه: &qعلیه‌السلامot;لا يحل لأحد أن يحلق لحيته ولا حاجبيه&qعلیه‌السلامot;، ضعيف».‌ وفي حاشية البجيرمي على الخطيب (كتاب الشهادات)، الكراهية كذلك. وقال زكريا في أسنى المطالب: «قوله &qعلیه‌السلامot;ويكره نتفها&qعلیه‌السلامot; أي اللحية إلخ، ومثله حلقها. فقول الحليمي في منهاجه &qعلیه‌السلامot;لا يحل لأحد أن يحلق لحيته ولا حاجبيه&qعلیه‌السلامot; ضعيف». وكذلك قال الدمياطي في &qعلیه‌السلامot;إعانة الطالبين&qعلیه‌السلامot; (2/240) عند قول الشارح &qعلیه‌السلامot;ويحرم حلق اللحية&qعلیه‌السلامot; ما نصه: «المعتمد عند الغزالي، وشيخ الإسلام (زكريا الأنصاري) وابن حجر في &qعلیه‌السلامot;التحفة&qعلیه‌السلامot;، والرملي، والخطيب (الشربيني)، وغيرهم: الكراهة»، ثم ضعّف قول الشارح مبينا أن المعتمد هو الكراهة.

وكذلك ليس هناك نص عن مالك ولا وأصحابه، لكن الذي قرره أكثر المتأخرين هو التحريم، وبعضهم قال بالكراهة. قال القاضي المالكي عياض (ت544هـ) في &qعلیه‌السلامot;إكمال المعلم بفوائد مسلم&qعلیه‌السلامot; (والنقل من غيره) (2/63) عن أحكام اللحية: «يكره حلقها وقصُّها وتحذيفها. وأما الأخذ من طولها وعرضها فحسن. وتكره الشهرة في تعظيمها وتحليتها، كما تكره في قصها وجزها. وقد اختلف السلف: هل في ذلك حد؟ فمنهم من لم يحدد إلا أنه لم يتركها لحد الشهرة، ويأخذ منها، وكره مالك طولها جداً. ومنهم من حدد بما زاد على القبضة فيزال. ومنهم من كره الأخذ منها إلا في حج أو عمرة». والكراهة هنا تنزيهية كما هو واضح، لأن كل الأمور التي كرهها هي غير محرمة.

والكراهة هي الرواية عن أحمد. إذ سأله مُهنّا (كما في المغني 1/66) عن حف الوجه، فقال: «ليس به بأس للنساء، وأكرهه للرجال». والحف هو أخذ الشعر من الوجه، والكراهة التنزيهية هي الأصل كما قرره الشيخ بكر في &qعلیه‌السلامot;المدخل&qعلیه‌السلامot;. وقال المروذي: قيل لأبي عبد الله: تكره للرجل أن يحلق قفاه أو وجهه؟ فقال: «أما أنا فلا أحلق قفاي». وقال صالح بن أحمد في &qعلیه‌السلامot;المسائل&qعلیه‌السلامot;: وسألته عن رجل قد بُلِيَ بنتف لحيته، وقطع ظفره بيده، ليس يصبر عنهما؟ قال: «إن صبر على ذلك، فهو أحب إلي»

ومن الذين قالوا بذلك من المدرسة الإمامية: السيد مهدي بحر العلوم ( ت 1212هـ ) ، والسيد محمد باقر الداماد ( ت 1041هـ ) في رسالته المسماة ( شارع النجاة‌ )، والشيخ محمد صالح الجزائري ( ت 1366هـ ) في كتابه المعنون : ( رسالة في كراهة حلق‌ اللحية‌ )، والشيخ عباس الرميثي ( ت 1379هـ ) والسيد أبو القاسم الخوئي ( ت 1413هـ ) ، والسيد محمد باقر الصدر ( ت 1400هـ )

اسم الکتاب : الحقوق المادية والمعنوية للزوجة المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 391
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست