اسم الکتاب : الحقوق المادية والمعنوية للزوجة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 359
وإن أجناس الناس كأجناس الطير، ولا يتفق نوعان من الطير في الطيران إلا وبـينهما مناسبة، قال: فرأى يوماً غراباً مع حمامة فعجب من ذلك فقال: اتفقا وليسا من شكل واحد، ثم طارا فإذا هما أعرجان فقال: من ههنا اتفقا.
ومما لا شك فيه أن هذا النوع من الحب لا يعتبر حبا في الله، بل هو حب بالطبع وشهوة النفس، فلذلك يمكن تصوره ممن لا يؤمن بالله، بخلاف الحب الأول الذي هو نتيجة لحب الله وأثر من آثاره، ولكن مع ذلك، فإنه ـ وإن كان دون الحب الأول ـ فهو حب مباح إلا إذا اتصل به غرض مذموم فإنه يصير مذموما بسببه، أما إن لم يتصل به غرض مذموم فهو مباح لا يوصف بحمد ولا ذم، ومع ذلك فقد قال الغزالي:(وإن أحبها لموافقة طبعه وهواه وإرادته ولم يؤثرها على ما يحبه الله ويرضاه بل نالها بحكم الميل الطبيعي كانت من قسم المباحات ولم يعاقب على ذلك ولكن ينقص من كمال محبته لله والمحبة فيه)
وآثار هذا الحب كثيرة، لعل أقلها فوات الأجر العظيم الذي أعد للمحبين في الله، وانشغال القلب بحب غير الله، ومن الناحية الزوجية، أن هذا الحب يسرع إليه الملل، ويتناوله البغض، وتدب إلى أصحابه الخيانة، فما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل، ومع هذه الآثار هناك آثار أخرى أشد خطرا، منها:
أ ـ التقصير في الواجبات الشرعية:
لأن الواجبات الشرعية كثيرة، ومنها الواجبات المتعدية، ومنها فروض الكفاية، ومن هذه الواجبات ما يستلزم تغربا عن الأهل، فلذلك قد يقف مثل هذا الحب ـ بخلاف الحب أول ـ حائلا بينه وبين ذلك، وفي مثل هذا قال تعالى:( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ )(التغابن:14)، قال ابن عباس في بيان سبب نزولها :(هؤلاء رجال أسلموا من أهل مكة، وأرادوا أن يأتوا النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فلما أتوا النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم رأوا الناس قد فقهوا في الدين، وهموا أن يعاقبوهم، فأنزل الله تعالى :﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ
اسم الکتاب : الحقوق المادية والمعنوية للزوجة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 359