اسم الکتاب : الحقوق المادية والمعنوية للزوجة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 345
وقبل أن ندخل في مباحث هذا الفصل نقدم تمهيدا يعرف العشرة الزوجية، ويبين حكمها، والأسس الأخلاقية العامة التي تقوم عليها:
يراد بالعشرة في الاصطلاح الشرعي: ما يكون بين الزوجين من الألفة والانضمام[607]، أو هي الأخلاق التي تقتضيها المخالطة بين الزوجين.
والمعاني اللغوية والاستعمال الشرعي له يدل على هذا، فقد ورد في القرآن الكريم فقد قال تعالى:( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ )(النساء:19)، قال ابن العربي:(حقيقة [ عشر ] في العربية الكمال والتمام، ومنه العشيرة، فإنه بذلك كمل أمرهم وصح استبدادهم عن غيرهم، وعشرة تمام العقد في العدد، ويعشر المال لكماله نصابا، فأمر الله سبحانه الأزواج إذا عقدوا على النساء أن يكون أدمة ما بينهم وصحبتهم على التمام والكمال، فإنه أهدأ للنفس، وأقر للعين، وأهنأ للعيش) [608]
ومع صراحة الأمر القرآني والنصوص النبوية على لزوم المعاشرة بالمعروف إلا أن من الفقهاء من نصوا على أن العشرة بالمعروف بين الزوجين مندوبة ومستحبة، وهو قول حكي عن الحنفية والحنابلة، قال الكاساني :(من أحكام النكاح الصحيح المعاشرة بالمعروف، وأنه مندوب إليه ومستحب، وكذلك من جانبها هي مندوبة إلى المعاشرة الجميلة مع زوجها) [609]
لكنهم مع ذلك، ومن حيث الواقع يقولون بالوجوب، فقد اعتبروا ضررها سببا لتدخل القاضي، قال الكاساني عند ذكره صور سكن المرأة :(ولو كانت في منزل الزوج وليس معها أحد يساكنها، فشكت إلى القاضي أن الزوج يضربها ويؤذيها، سأل القاضي جيرانها فإن أخبروا بما قالت، وهم قوم صالحون فالقاضي يؤدبه ويأمره بأن يحسن إليها ويأمر جيرانه أن يتفحصوا عنها،