responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسالة إلى الإمام علي المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 200

واعلم أنّ مالك الموت هو مالك الحياة، وأنّ الخالق هو المميت، وأنّ المفني هو المعيد، وأنّ المبتلي هو المعافي، وأنّ الدّنيا لم تكن لتستقرّ إلّا على ما جعلها اللّه عليه من النّعماء والابتلاء، والجزاء في المعاد، أو ما شاء ممّا لا تعلم.. فإن أشكل عليك شي‌ء من ذلك فاحمله على جهالتك؛ فإنّك أوّل ما خلقت به جاهلا ثمّ علّمت، وما أكثر ما تجهل من الأمر، ويتحيّر فيه رأيك، ويضلّ فيه بصرك، ثمّ تبصره بعد ذلك، فاعتصم بالّذي خلقك، ورزقك وسوّاك، وليكن له تعبّدك، وإليه رغبتك، ومنه شفقتك)

هذا جزء بسيط مما ذكرته لابنك الحسن.. وهو وحده كاف لأن يكون مدرسة في التربية والعرفان والسلوك.. وكل القيم النبيلة.

ومما حفظت لنا الدواوين من وصاياك وصيتك لابنيك الحسن والحسين عند احتضارك، وقبل استشهادك.. وهي وصية جامعة لكل ألوان الخير محذرة من كل أنواع الفتن، ومما ورد فيها قولك: (أوصيكما بتقوى اللّه، وأن لا تبغيا الدّنيا وإن بغتكما، ولا تأسفا على شي‌ء منها زوي عنكما، وقولا بالحقّ، واعملا للأجر، وكونا للظّالم خصما، وللمظلوم عونا) [1]

ثم رحت توصيهما بفروع البر وتفاصيله، فقلت: (أوصيكما وجميع ولدي وأهلي، ومن بلغه كتابي، بتقوى اللّه ونظم أمركم، وصلاح ذات بينكم؛ فإنّي سمعت جدّكما a يقول: (صلاح ذات البين أفضل من عامّة الصّلاة والصّيام))

ثم رحت تؤكد عليهم، وبإلحاح شديد الالتزام بهذه الوصايا: (اللّه، اللّه في الأيتام! فلا تغبّوا أفواههم، ولا يضيعوا بحضرتكم.. واللّه، اللّه في جيرانكم! فإنّهم وصيّة نبيّكم، ما زال يوصي بهم حتّى ظننّا أنّه سيورّثهم.. واللّه، اللّه في القرآن! لا يسبقكم


[1] نهج البلاغة: الكتاب رقم(47)

اسم الکتاب : رسالة إلى الإمام علي المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 200
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست