responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسالة إلى الإمام علي المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 116

عليه السّلام صاحب المزامير، وقارئ أهل الجنّة، فلقد كان يعمل سفائف الخوص بيده، ويقول لجلسائه: أيّكم يكفيني بيعها؟ ويأكل قرص الشّعير من ثمنها.. وإن شئت قلت في عيسى ابن مريم عليه السّلام فلقد كان يتوسّد الحجر، ويلبس الخشن، ويأكل الجشب، وكان إدامه الجوع، وسراجه باللّيل القمر، وظلاله في الشّتاء مشارق الأرض ومغاربها، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض للبهائم، ولم تكن له زوجة تفتنه، ولا ولد يحزنه، ولا مال يلفته، ولا طمع يذلّه، دابّته رجلاه، وخادمه يداه) [1]

ثم ختمت خطبتك بذكر حبيتك a، الذي رباك على عينه، فقلت: (فتأسّ بنبيّك الأطيب الأطهر a فإنّ فيه أسوة لمن تأسّى، وعزاء لمن تعزّى، وأحبّ العباد إلى اللّه المتأسّي بنبيّه، والمقتصّ لأثره.. قضم الدّنيا قضما، ولم يعرها طرفا، أهضم أهل الدّنيا كشحا، وأخمصهم من الدّنيا بطنا، عرضت عليه الدّنيا فأبى أن يقبلها، وعلم أنّ اللّه سبحانه أبغض شيئا فأبغضه، وحقّر شيئا فحقّره، وصغّر شيئا فصغّره.. ولو لم يكن فينا إلّا حبّنا ما أبغض اللّه ورسوله، وتعظيمنا ما صغّر اللّه ورسوله، لكفى به شقاقا للّه، ومحادّة عن أمر الله)

ثم رحت تصف حاله a، وزهده في الدنيا، وتواضعه فيها، فقلت: (و لقد كان a يأكل على الأرض، ويجلس جلسة العبد، ويخصف بيده نعله، ويرقع بيده ثوبه، ويركب الحمار العاري، ويردف خلفه. ويكون السّتر على باب بيته، فتكون فيه التّصاوير فيقول: يا فلانة- لإحدى أزواجه- غيّبيه عنّي، فإنّي إذا نظرت إليه ذكرت الدّنيا وزخارفها. فأعرض عن الدّنيا بقلبه، وأمات ذكرها من نفسه، وأحبّ أن تغيب زينتها عن عينه، لكيلا يتّخذ منها رياشا، ولا يعتقدها قرارا، ولا يرجو فيها مقاما، فأخرجها من النّفس،


[1] نهج البلاغة: الخطبة رقم 160.

اسم الکتاب : رسالة إلى الإمام علي المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 116
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست