responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسالة إلى الإمام علي المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 113

لهم الدواء، وتطلب لهم الأطباء، لم تدرك فيه طلبتك، ولم تسعف فيه بحاجتك. بل مثّلت الدنيا به نفسك، وبحاله حالك، غداة لا ينفعك أحباؤك، ولا يغني عنك نداؤك، يشتد من الموت أعالين المرضى، وأليم لوعات المضض، حين لا ينفع الأليل، ولا يدفع العويل، حين يحفز بها الحيزوم، ويغصّ بها الحلقوم، حين لا يسمعه النداء، ولا يروعه الدعاء، فيا طول الحزن عند انقطاع الأجل. ثمّ يراح به على شرجع تقلّه أكفّ أربع، فيضجع في قبره في لبث، وضيق جدث، فذهبت الجدّة، وانقطعت المدة، ورفضته العطفة، وقطعته اللطفة، لا تقاربه الإخلاء، ولا تلمّ به الزوّار، ولا اتّسقت به الدار. انقطع دونه الأثر، واستعجم دونه الخبر، وبكّرت ورثته، فأقسمت تركته، ولحقه الحوب، وأحاطت به الذنوب، فإن يكن قدّم خيرا طاب مكسبه، وإن يكن قدّم شرّا تبّ منقلبه، وكيف ينفع نفسا قرارها، والموت قصارها، والقبر مزارها؟ فكفى بهذا واعظا كفى) [1]

الزهد.. والتخلق:

وقد كان حرصك سيدي على إحياء قيم الزهد والترفع عن الدنيا لما علمت من آثاره على السلوك والأخلاق، وعلى التوجه الصادق لله تعالى، والتسليم المطلق له.. فيستحيل على من انغمس في الدنيا، وركن إلى أهوائها أن تحن نفسه للملأ الأعلى، أو أن يتحقق بأخلاق الطاهرين.

ولذلك امتلأت كل خطبك وكتبك من بيان ثمار الزهد الطيبة اليانعة.. ومن ذلك قولك: (إنّ الزّاهدين في الدّنيا تبكي قلوبهم وإن ضحكوا، ويشتدّ حزنهم وإن فرحوا، ويكثر مقتهم أنفسهم وإن اغتبطوا بما رزقوا)[2]

وإن نسيت من كلماتك ما نسيت.. فلن أنسى رسالتك الرقيقة التي كتبتها إلى


[1] مستدرك نهج البلاغة للمحمودي: ج 1 ص 352- 357 الخطبة رقم(117)

[2] نهج البلاغة: الخطبة 111 ص 164.

اسم الکتاب : رسالة إلى الإمام علي المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست