اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 349
العظيمة بسبب التنازع.. لأنه حصل لك علم ـ سيدي ـ بأن هؤلاء الذين اجترأوا
على التنازع بين يديك لن يصعب عليهم أن يمزقوا وصيتك أو يؤولوها أو يفعلوا بها ما
شاءوا.
وهكذا قال آخر مبررا فعل عمر: (ائتوني أمر، وكان حق المأمور أن يبادر
للامتثال، لكن ظهر لعمر مع طائفة أنه ليس على الوجوب، وأنه من باب الإرشاد للأصلح،
فكرهوا أن يكلفوه من ذلك ما يشق عليه في تلك الحالة مع استحضارهم لقوله تعالى: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي
الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 38]، وقوله: ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [النحل: 89]، ولهذا
قال عمر: حسبنا كتاب الله، وظهر لطائفة أخرى أن الأولى أن يكتب لما فيه من زيادة
الإيضاح، ودل أمره لهم بالقيام على أن أمره الأول كان على الاختيار، ولهذا عاش a
بعد ذلك أياماً ولم يعاود أمرهم بذلك، ولو كان واجباً لم يتركه لاختلافهم، لأنه لم
يترك التبليغ لمخالفة من خالف، وقد كان الصحابة يراجعونه في بعض الأمور ما لم يجزم
بالأمر فإذا عزم امتثلوا)[1]
وقال آخر: (أما كلام عمر فقد اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على
أنه من دلائل فقه عمر وفضائله ودقيق نظره، لأنه خشي أن يكتب a أموراً ربما عجزوا عنها
واستحقوا العقوبة عليها لأنها منصوصة لا محالة للاجتهاد فيها، فقال عمر: حسبنا
كتاب الله لقوله تعالى: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 38]، وقوله: ﴿ الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ
الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]؛ فعلم أن الله تعالى أكمل دينه فأمن الضلالة على الأمة
وأراد الترفيه على رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فكان عمر أفقه من ابن عباس وموافقيه)[2]