responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 213

المستبصر المتوسم

سيدي يا رسول الله.. يا من جعلك الله بشرا لكن لا كالبشر.. فأنت في صورتك مثلهم.. لكن حقيقتك العظمى تجاوزتهم بكثير.. فقد غلبت روحك جسدك.. وبصيرتك بصرك.. وحقيقتك مظهرك.. فلذلك كنت ترى ما لا يرون.. وتسمع ما لا يسمعون.. ولك من القدرات والطاقات ما لا يملكون..

وكيف لا تكون كذلك ـ سيدي ـ وأنت الذي تطهرت نفسك طهارة كاملة، وسمت روحك سموا رفيعا.. وأوتيت العصمة المطلقة.. فلذلك رقا جسدك إلى ما رقت إليه روحك، فصرت روحا تمشي على الأرض.. ونورا يمشي بين الناس.

ولولا ذلك سيدي ما أطقت تحمل الوحي الذي كان يتنزل عليك.. وما أطقت أن تكون واسطة بين الغيب والشهادة.. والأرض والسماء.. والملك والملكوت.. فقد كنت تملك كلا الجانبين.. فأنت معهم في عالم الملك.. لكنك كنت تبصر وبدقة ما حولك من عالم الملكوت.

لقد عبر عن كل هذه المعاني قوله تعالى، وهو يصفك: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ﴾ [فصلت:6].. فأنت بشر مثلهم في الصورة.. لكن تلك الخاصية العظيمة التي أهلتك لتنزل الوحي عليك، جعلتك مختلفا عنهم تماما..

إن مثل ذلك ـ سيدي ـ مثل شخصين أحدهما أصم أبكم أعمى مقعد فيه كل العاهات والآفات.. وآخر سليم منها جميعا، وفي قمة القوة والشباب، وفي قمة الصلاح والتقوى، وفي قمة العلم والخبرة.. فكلاهما بشر.. لكن الفرق بينهما عظيم جدا..

فهكذا الأمر بالنسبة لسائر البشر مقارنة بك.. فهم لا يرون ما ترى، ولا يسمعون

اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 213
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست