اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 12
السراج المنير
سيدي
يا رسول الله.. يا من وصفك ربك، فقال: ﴿
وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾
[الأحزاب: 46]
أنت
ـ سيدي ـ سراج منير بكل المقاييس، وما وصفك ربك به حقيقة لا مجال فيها للشك، ولا
للمبالغة، بل هي تصوير إلهي بديع لحقيقتك، وحقيقة الوظائف العظيمة التي وُكلت لك..
والتي يرتبط بها ذلك العالم الجميل المغيب الذي لا نراه.. لكننا بواسطتك يمكننا أن
نراه ونعيشه ونتواصل معه، ونصبح جزءا منه.
فكما
أن حكمة الله تعالى ولطفه بعباده ورحمته بهم اقتضت أن يجعل لهذه الأرض شمسا تمدها
بالنور.. ولولاها لعاشت الأجساد في الظلمات المدلهمة، لا ترى ربيعا، ولا تسمع
تغاريد العصافير، ولا تقطف ثمار الأشجار، ولا تتذوق طعما لأي شيء، كما وصف الله
تعالى ذلك، فقال: ﴿ وَجَعَلْنَا سِرَاجًا
وَهَّاجًا (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14)
لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16)﴾ [النبأ: 13 - 16]
فالجنات
الملتفة، والنباتات المتنوعة، والثمار اللذيذة، والألوان الباهية، والنسيم العليل،
والدفء الذي تستشعره الأجسام، وتنتشي له.. كل ذلك فيض من كرم تلك الشمس التي
أودعها الله لتكون سراجا لعالم الأجساد.. ولذلك لا يمكن أن تقوم الحياة من دونها.
وهكذا
أنت ـ يا رسول الله ـ في عالم الأرواح.. فلولاك لم نر إلا الأشباح المخيفة،
والشياطين المرعبة.. ولولاك لعشنا في سجون التشاؤم المطبق، والحزن الشديد، والكآبة
التي لا علاج لها.
اسم الکتاب : رسائل إلى رسول الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 12