responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رسائل إلى الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 136

كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [البقرة: 164]

وأمرت أولئك المحجوبين عنك، وعن ظهورك، أن ينظروا إلى الأشياء بعين البصيرة، لا بعين البصر وحده، للسير منها إليك، والاستدلال بها عليك، فقلت: { أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية: 17 - 20]

وهكذا يا رب.. كانت كل خلية من خلايا الحياة.. وكل ذرة من ذرات الكون دليلا يدل عليك، ومعرّفا يعرف بك وبأسمائك الحسنى، وصفاتك العليا.. حتى صار الكون كله مرآة لجمالك، وظلا لعظمتك.. وحتى صرت في عيون العارفين معروفا يرونك في الأشياء قبلها وبعدها ومعها.. بل إنهم من شدة انبهارهم بعظمتك حجبوا عن الأشياء بك.. وفنوا عنها بالاستغراق في جمالك.. فصاروا لا يرونها، بل يرونك، وهل يمكن أن يُرى معك غيرك؟

لكنك مع كل ذلك الظهور لا تزال باطنا محتجبا في سرادقات غيبك.. فأنى للعقول أن تحيط بك، أو تدركك، وأنت الغيب المطلق الذي لا حدود لإطلاقه.. وهل يمكن لمن رأى قطرة من ماء البحر أن يزعم أنه رأى البحر.. أنى ذلك.. وأنت في غيبك المطلق بحار لا نهاية لحدودها، ولا منتهى لعظمتها.

فلذلك كذب من زعم أنه يعرفك.. كما كذب من زعم أنه يجهلك..

يا رب.. لقد توهم بعض الغافلين أن ذلك تناقض لم تستوعبه عقولهم.. ولو أنهم رجعوا لما يعرفونه من أشياء لأخرجوا عقولهم من تناقضها..

فهل يمكن لمن قضى عمره كله في الحساب والإحصاء أن يتوهم أنه قد أحاط

اسم الکتاب : رسائل إلى الله المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست