اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 531
وَإِنَّهُمْ
لَكَاذِبُونَ ﴾ [الأنعام: 28]،)، فالآية الكريمة تدل
على غاية عتوهم وإصرارهم وعدم قبول الخير فيهم، فلا تصلح نفوسهم الشريرة الخبيثة
إلا للعذاب، ولو صلحت لصلحت على طول العذاب، فحيث لم يؤثر عذابهم تلك الأحقاب
الطويلة في نفوسهم ولم يطيبها علم أنه لا قابلية فيهم للخير أصلا.
وبذلك
فإن الرحمة والعدالة الإلهية متناسبة مع جرائمهم، لأنه لا يمكن أن يخرج الجاني مع
بقاء المجني عليه في العذاب.. وكذلك لا يمكن أن يخرج وفي نفسه تلك الملكات الظالمة
التي لم يستطع الانفكاك عنها.. ذلك إن الخلود مرتبط بالأعمال والملكات..
ولو
أنا فرضنا أن شخصا ما من الذين كتب عليهم الخلود، تخلص من كل تبعات أعماله، وتخلص
معها من كل تلك الملكات التي كانت سببا في عقابه؛ فإنه لا يستمر عليه الحكم
المؤبد..
وهذا
ما قد يجمع الأقوال في المسألة؛ لتؤول بعدها إلى أصحاب الأعمال أنفسهم، ومدى نجاعة
التأديب الإلهي في حقهم.
ويشير
إلى هذا تلك الأحاديث الكثيرة التي تذكر عدم دخول نفر كثيرين إلى الجنة، مع اتفاق
العلماء على أن ذلك الدخول ليس أبديا، وإنما هو مؤقت، وقد ذكرنا أن توقيته متوقف
على التطهر من تلك الرذائل التي دخلوا بها إلى جهنم.
ومن
الأمثلة على ذلك قوله a: (ثلاثة لا يدخلون الجنة أبدا: الديوث، والرجلة من
النساء، ومدمن الخمر قالوا: يا رسول الله ! أما مدمن الخمر فقد عرفناه، فما
الديوث؟ فقال: الذي لا يبالي من دخل على أهله قلنا: فما الرجلة من النساء. قال:
التي تشبه بالرجال)[1]
وفي
حديث آخر قال a: (لا يدخل الجنة قتات)، وفي رواية: (لا يدخل الجنة
[1]
رواه الطبراني، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (4/ 327)
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 531