اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 527
(لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا
يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة، يرفع
الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن)[1]، وقوله: (إذا
زنى الرجل خرج منه الإيمان، كان عليه كالظلة، فإذا أقلع رجع إليه الإيمان)[2]
فقد أخبر a أن الإيمان يرفع مؤقتا عن
هؤلاء المنحرفين، ثم قد يعود، وقد لا يعود، وذلك بحسب القدرة على التراجع، وتصحيح
الأخطاء، كما أشار إلى ذلك قوله تعالى: ﴿إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ
لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ
فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17)
وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ
أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ
وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [النساء:
17، 18]
وبذلك فإن كل ضال معرض للغضب، والذي قد يكون
مؤقتا، وقد يتحول إلى دائم، ولهذا يقال (المعاصي بريد الكفر)، وهو ما يشير إليه
قوله تعالى: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾
(المطففين:14)، أي أن كسب الإنسان وعمله وحركة قلمه هي التي ملأت فطرته بقعا
منحرفة حالت بينها وبين التعرف على الحق أو سلوكه.
ويشير إليه قوله a: (تعرض الفتن على القلوب عرض
الحصير عودا عودا، فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه
نكتة بيضاء حتى يصير القلب أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض،
والآخر أسود مربدا كالكوز مجخيا، لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من
هواه)[3]