اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 514
وهكذا
الأمر بالنسبة للباس المرأة وحجابها في الآخرة، فالأمر فيه مختلف تماما عما هو في
الدنيا، ذلك أن ما نراه من شهوات في الدنيا ليس الغرض منها سوى الاختبار
والابتلاء.
ب ـ العلاقة
الزوجية في الجنة وسموها:
مثلما
عرفنا سابقا من أن كل نعيم الجنة متسم بالطهارة والسمو والقداسة، وكونه جميعا
مرتبطا بالعبودية ومعرفة الله تعالى، فكذلك النعيم المرتبط بهذا الجانب له علاقة
بتلك العبودية والمعرفة لله تعالى، ولذا فقد وصف الله تعالى الأزواج في الجنة
بالطهارة، كما قال تعالى:﴿وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ ﴾
[البقرة: 25]
وذلك
لا يعني فقط ما ذكره المفسرون من تلك المفاهيم البسيطة الخاصة بالطهارة، بل هو
يشمل كل شيء، حتى العلاقة الزوجية نفسها، والتي تتسم بالسمو، ولا تكون مشابهة لتلك
العلاقات في الدنيا، والتي استدعاها الابتلاء الإلهي، وضرورة بقاء النوع.
بل إن
الكثير من الإشارات في النصوص المقدسة يدل على أن الذكورة والأنوثة حادثة، ومرتبطة
بالتكليف الشرعي في الدنيا، ولغرض التناسل، أما الحقيقة الإنسانية، والروح التي
تمثلها؛ فإنها في ذاتها مثل الملائكة لا علاقة لها بذلك كله.
ولهذا
يخبر الله تعالى في القرآن الكريم أن آدم وحواء عليهما السلام، لم يكونا يميزان
الذكورة والأنوثة، إلا بعد أن أكلا من الشجرة، كما قال تعالى: ﴿فَدَلَّاهُمَا
بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا
يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ﴾ [الأعراف: 22]
أما
الزوجية المشار إليها في قصة آدم، كما في قوله تعالى: ﴿وَقُلْنَا يَاآدَمُ
اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ [البقرة: 35]، أو المشار إليها في
أنواع النعيم المعد للمحسنين، كما في قوله تعالى: ﴿قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ
مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ
مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 15]، أو
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 514