اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 411
يعبرون عنه بـ [رجع الصدى]، ويقصدون به تقمص
المستقبل لدور المرسل أو المصدر، نتيجة للآثار التي أحدثتها فيه رسالة المرسل..
والمرسل يستدل بذلك على أن الرسالة التي قام بإرسالها لتحقيق هدف معين، قد وصلت
إلى الغاية المنشودة، ويعرف من خلاله مدى قبولها ورفضها.
وهكذا نجد الجزاء في كل عمل نقوم به، فإن وضع
أحدنا يده على التيار الكهربائي، أحس بأثره عليه، وربما يصعق لذلك، بحسب قوة ذلك
التيار، وربما يحدث فيه إعاقة طويلة أو دائمة، مع كون ذلك المس لم يستغرق منه سوى
ثوان معدودة.
وبناء على هذا كله فإن العقل يقر بمعقولية
الجزاء، وأنه شيء طبيعي، ولهذا يحكم بالغفلة والبله لا على تلك القوانين التي تسير
بها الطبيعة والمجتمع، وإنما على الشخص الذي يريد أن ينال جزاء أعمال لم يقم بها،
أو يتفادى عقوبات لأعمال قام بها.
ولهذا نسمع جميعا تلك العبارة التي تقول
[القانون لا يحمي المغفلين]، وهو يعني بذلك أن قوانين العقوبات التي وضعها البشر
لما رأوه فيها من المصلحة لا تحمي الجاهلين بها، ما دامت قد نشرت على الرأي العام،
وسمعها الجميع؛ فإن تذرع أحد بالجهل بها، لم يعذر بجهله.
وبناء على هذا اتفقت الأديان جميعا على وجود
[الجزاء الإلهي] الخاص بأعمال الدنيا، وخاصة تلك التي لم ينل أصحابها أي جزاء،
تطبيقا لذلك القانون، وتعميما له.
بل إن كل من بحث في المعاد من الفلاسفة وغيرهم
اعتبر قانون الجزاء من أكبر القوانين الدالة على المعاد، وخاصة لأولئك الذين
يؤمنون بالله، وقد قال بديع الزمان النورسي في بعض إشاراته لذلك: (أمن الممكن لربّ
هذا العالم ومالكه الذي أظهر بآثاره كرما بلا نهاية، ورحمة بلا نهاية، وعزة بلا
نهاية، وغيرة بلا نهاية، أن لا يقدّر مثوبةً تليق
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 411