فهذا الحديث الذي حدث به كعب الأحبار
اليهودي، يفسر به القرآن، ولسنا ندري من أين تلقاه، ولا من أين سمعه، يقضي على كل
ما قصدته الآيات الكريمة من التحذير من ترك الصلاة، وترك إطعام المساكين، والخوض
مع الخائضين.. وكل القيم المرتبطة بها.
ومثله ما رواه عبد الله بن عمر عن كعب من
ذكره: (أن أمة محمد a ثلاثة أثلاث، فثلث يدخلون
الجنة بغير حساب، وثلث يحاسبون حسابا يسيرا ثم يدخلون الجنة، وثلث يدخلون الجنة
بشفاعة أحمد)[2]
وهذا يتفق تماما مع ما ورد في القرآن الكريم
من الإخبار عن غرور اليهود وأمانيهم وأكاذيبهم التي حرفوا بها القيم التي جاء بها
موسى عليه السلام والأنبياء من بعده، قال تعالى: ﴿وَقَالُواْ لَن
تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ
اللّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا
لاَ تَعْلَمُون﴾ [البقرة:80]، وقال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ
لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم
مَّا كَانُواْ يَفْتَرُون﴾ [آل عمران:24].
والآية الكريمة تشير إلى ما نسميه [دين
البشر]، والذي عبرت عنه بـ ﴿ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ
يَفْتَرُون﴾، فدين البشر يعتمد على تلك الأكاذيب التي يكذبون بها على
أنفسهم، ثم يفرضونها على ربهم، ويتصورون أن الجنة والنار صارت بيدهم، لا بيد ربهم.
وما ذكره القرآن الكريم عن اليهود، هو نفسه
ما وقع فيه النصارى، فقد قال كعب أحبارهم: (يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لاتخطئوا
وإن أخطأ أحدٌ فلنا شفيع عند الأب، يسوع المسيح البار، وهو كفارة لخطايانا. ليس
لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً) [رسالة يوحنا الرسول الأولى 2: 1)]
[1]
رواه ابن مردويه، انظر: الدرالمنثور في التفسير للسيوطي ص6، ص286.