اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 393
كثيرة،
بل لا تكاد تذكر الشفاعة إلا وتشفع وتقيد بالإذن الإلهي، كما قال تعالى: ﴿وَلَا
تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ﴾ [سبأ: 23]
ولذلك
يرد على أولئك المشركين الذين توهموا أن ما يعبدونه من أصنام سيشفع لهم عند الله،
قال تعالى: ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ
كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ
الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ
تُرْجَعُونَ﴾ [الزمر: 43، 44]
وهكذا
يحذرهم من أن الشفاعة لا تقبل في ذلك اليوم إلا بالإذن الإلهي، قال تعالى: ﴿
وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ
مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾
[البقرة: 48]، وقال: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ
شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ
يُنْصَرُونَ﴾ [البقرة: 123]، وقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ
فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾
[البقرة: 254]
فكل
هذه الآيات الكريمة لا تنفي الشفاعة، كما يتوهم منكروها، وإنما تنفي أن تكون الشفاعة
من دون الإذن الإلهي، ذلك أنها مرتبطة بالتوحيد، ولا تتنافى معه كما يزعم
المشركون.
ولهذا
نرى القرآن الكريم يذكر هذا القيد في الكثير من المواضع، حتى يزيل تلك المفاهيم
الجاهلية للشفاعة، ويبين أنها لا تعني التفويض، ولا الوساطة المطلقة، كما كان أهل
الجاهلية يتصورون حين عبدوا الأصنام من دون الله، وتصوروا أنها تشفع لهم بذاتها من
دون إذن إلهي، كما قال تعالى مخبرا عنهم: ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ
اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ
شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [يونس: 18]، وقد رد عليهم بقوله: ﴿قُلْ
أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [يونس: 18]
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 393