اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 364
تلك الأداة
التي تكون معياراً لكثرة الطاعات أو قلتها؟)[1]
وانطلاقا
من هذا راح يذكر الحقائق المرتبطة بالميزان من خلال ما ورد عنه في القرآن الكريم،
فقال: (الألفاظ
الواردة في القرآن الكريم التي تصف مشاهد القيامة لها حقائق غيبية غير معلومة لنا،
ومن هذه الألفاظ لفظ [الميزان] الذي نحتمل أن يكون له واقعية غير ما نشاهد من
الموازين العرفية، ويتضح ذلك من خلال [الواقع الذي نشاهده].. ذلك أن الميزان كان يطلق
قبل فترة طويلة على ما يوزن به المتاع بشيء له كفتان ولسان وساقان، وظلّ البشر
يستعمل الميزان في ذلك المصداق ولكن الثورة الصناعية التي اجتاحت الغرب كشفت عن
موازين لم تكن موجودة من ذي قبل، فأخذ يوزن استهلاك الماء والكهرباء والغاز
والهاتف وغيرها، بل أحدث ميزاناً يوزن به حرارة الهواء وضغط الجو والدم الذي يجري
في عروق الإنسان وقلبه، كما أنّه نجح نجاحاً باهراً في صناعة الكمبيوتر فأحدث
تحولاً جذرياً في حياته، حتى عرف هذا العصر بعصر الكمبيوتر، فأصبح كمعيار لتصحيح
الأغلاط التي يقع الإنسان فيها.. كلّ ذلك يعرب عن أنّ لكلّ شيء ميزاناً خاصاً
يناسب وجود الشيء وليس الميزان منحصراً بماله كفتان ولسان وساقان، وعندئذ يصحّ أن
نقول: إنّ الميزان المنصوب يوم القيامة شيء أعظم ممّا وصل إليه الفكر البشري. وخلاصة
القول فيه: إنّه شيء يعلم به صالح الأعمال عن طالحها، قلّتها عن كثرتها، والعقائد
الصحيحة والباطلة، وإن لم يعلم لنا ما هي خصوصيات ذلك الميزان)
[2]
وقد تعرض الشيخ السبحاني إلى
المعيار الذي تتحاكم إليه تلك الموازين، وذلك عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿وَالْوَزْنُ
يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ﴾ [الأعراف: 8]، والتي اختلفت فيها
كلمة المفسرين إلى ثلاثة احتمالات: أولها: أنّ وزن الأعمال ومحاسبتها أمر حقّ لا
سترة فيه.. وثانيها: أنّ الوزن بمعنى الميزان أي ما يوزن به، ويكون المراد أنّ ما
يوزن به هو الحقّ، فالحقّ