اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 321
وَقُضِيَ
بَيْنَهُمْ بِالحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الزُّمر: 69]، وهؤلاء
الشهداء هم حجة الله على الناس في كل زمان بفضائلهم واستقامتهم على الحق والتزامهم
للخير وأعمال البر)[1]
وقد
ذكر الفخر الرازي الإشكال الوارد على هذا القول، وهو الوصف الذي وصف به أصحاب
الأعراف، ولا يليق بأمثال هؤلاء الهداة، وهو قوله تعالى: ﴿ لَمْ
يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ﴾ [الأعراف: 46]، ثم أجاب عليه بقوله: (أجاب
الذاهبون إلى هذه الوجه بأن قالوا: لا يبعد أن يقال: إنه تعالى بين من صفات أصحاب
الأعراف أن دخولهم الجنة يتأخر؛ والسبب فيه أنه تعالى ميزهم عن أهل الجنة وأهل
النار، وأجلسهم على تلك الشرفات العالية والأمكنة المرتفعة، ليشاهدوا أحوال أهل
الجنة وأحوال أهل النار، فيلحقهم السرور العظيم بمشاهدة تلك الأحوال، ثم استقر أهل
الجنة في الجنة وأهل النار في النار، فحينئذ ينقلهم الله تعالى إلى أمكنتهم
العالية في الجنة، فثبت أن كونهم غير داخلين في الجنة، لا يمنع من كمال شرفهم وعلو
درجتهم، وأما الطمع المذكور في الآية، فهو على ما ذكر هؤلاء، يكون معناه: اليقين،
لا الطمع الذي لا يثق صاحبه بحصول المراد، وعلى هذا قوله تعالى عن إبراهيم: ﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ﴾
[الشعراء: 82] فهذا الطمع طمع يقين)[2]
وقال ابن عربي: (ورجال الأعراف وهم رجال
الحدّ.. أهل الشم، والتمييز، والسـراح عن الأوصاف فلا صفة لهم.. كان منهم أبو يزيد
البسطامي! ورجالٌ إذا دعاهم الحق إليه يأتونه رجالاً لسرعة الإجابة لا يركبون: ﴿
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا ﴾ [الحج: 27] وهم
رجال المطلع. فرجال الظاهر هم الذين لهم التصرف في عالم الملك والشهادة وهم الذين
كان يشير إليهم الشيخ محمد بن قائد الأواني. وهو المقام الذي تركه