اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 291
المتناقضات.
إننا نتحير لما نشاهده من أن أللاشعور يبطل رأي فلاسفتنا القائلين بأن جميع
أفعالنا العقلية الشعورية تتم في زمن محدد، ولكن لاشيء في اللاشعور يطابق الفكر
الزمني، ولايوجد فيه أي رمز لمضي الوقت وسريانه، وهي حقيقة محيرة. ولم يحاول
الفلاسفة أن يتأملوا حقيقة، هي أن مضى الزمن لايحدث أي تغيير في العمل الذهني؛ إن
الدوافع الحبيسة التي لم تخرج قط عن اللاشعور، وحتى التأملات الخيالية التي دفنت
في اللاشعور تكون أزلية في
الحقيقة والواقع، وتبقى محفوظة لعشرات السنين، وكأنها لم تحدث الا بالأمس)
[1]
وذكر
أن هذه النظرية التي اعتمدها فرويد، ليست خاصة به، بل كل علماء النفس يقرون بها،
يقول: (وقد سلم علماء النفس بهذه النظرية بصفة عامة اليوم، ومعناها أن كل ما يخطر
على بال الانسان من الخير والشر، ينقش في صفحة اللاشعور، فلايزول إلى الأبد،
ولايؤثر فيه تغير الزمان، وتقلب الحدثان، ويحدث هذا على رغم الإرادة الانسانية طوعا أو كرها) [2]
وما
ذكره فرويد وغيره ـ كما يذكر وحيد الدين خان ـ يوضح تلك الحقيقة القرآنية التي تنص
على أن نفس الإنسان هي أكبر سجل لأعماله، كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ
خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ
أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [ق: 16]
يقول
في ذلك: (لو قارنا هذا الواقع مقرونا إلى نظرية الآخرة لاستطعنا أن نصل إلى
حقيقتها بسرعة، إن هذا الواقع يؤكد بكل صراحة إمكان وجود سجل كامل لأعمال الانسان
في حيازته، عندما يبدأ حياته الأخرى، فإن وجود نفسه سوف يشهد على الأعمال والنيات
التي عاشها) [3]