اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 29
(تموز)
للحياة، حيث تتزامن عودته مع مواعيد الزراعة عندهم، فأصبح عيد عودته رمزاً لانبعاث
الزرع وعودة العشب الأخضر إلى الحياة من بعد الموت، رمزاً للخصوبة والتناسل
والتجدد، واستعملوا البيض كرمز لقيامة تمّوز، حيث يخرج الكتكوت (الصوص) من البيضة،
بمثل ما يخرج الزرع من الأرض وتخرج الحياة من القبر[1].
وهذه
الأسطورة في حقيقتها تشير إلى ما تدل عليه الكثير من المظاهر الطبيعية على وجود
الحياة بعد الموت، كما قال تعالى: ﴿ فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ الله
كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الروم: 50]
وهكذا
نجد كل الديانات السماوية تتبنى نفس الموقف من الموت، وأنه ليس النهاية، بل هو
البداية لحياة جديدة، لها قوانينها الخاصة، كما ورد في الإنجيل: (من يأكل جسدي
ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه وبه ننال الحياة الأبدية)
(يو6: 56).
وهكذا نجد الدروز والديانات الهندية
ومنها البوذية والهندوسية، تؤمن بالتناسخ، أي عودة الروح بعد الموت في خلق جديد.
(إذ يرى الدروز على سبيل المثال أن روح الإنسان الميت تنتقل بعد وفاته إلى جسد طفل
حديث الولادة، وتستمر بالتناسخ من خَلق لآخر حتى تحين القيامة فتجتمع الأرواح
وتصعد للمحاسبة)[2]
2. الموت.. وتصورات الحضارة الحديثة:
على الرغم من فشو الإلحاد والمادية عند أكثر الفلاسفة
والمفكرين الذين يدعون تمثيل الحضارة الحديثة، نتيجة موقفهم السلبي من رجال الدين
الذي أساءوا استخدام الدين والتعبير عنه، إلا أننا مع ذلك نجد رغبة كبيرة عندهم في
تحقق ما يقوله المؤمنون من الحياة
[1]
هاجس البعث: الموت والقيامة في الحضارات الإنسانية.