اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 289
1 ـ الأعمال وكتبها:
أول
تجليات العدالة الإلهية في أرض المحشر، وقبل الحساب والموازين ـ كما تدل النصوص
المقدسة ـ عرض سجلات الأعمال على أصحابها لينظروا فيها، ويتأكدوا منها، قبل أن
يحاسبوا عليها.
وقد
أخبر القرآن الكريم أن الذي تولى تسجيل تلك الكتب والسجلات هم الملائكة عليهم
السلام، والمختصين بهذا الجانب، لتناسبه مع طبيعتهم وخصائصهم، ولهذا سماهم الله
تعالى (كراماً كاتبين)، قال تعالى:﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ
كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ (الانفطار:10 ـ12)
وقبل
أن نذكر أنواع الأعمال المسجلة في تلك الكتب، وكيفية قراءتها، نحب أن نذكر ما ذكره
بعض المعاصرين من التصويرات التي تقرب ذلك للعقول، وخاصة تلك التي لا زالت على
بدائيتها، متوهمة استحالة تسجيل الأعمال.
ومن
تلك التقريبات ما ذكره وحيد الدين خان في كتابه [الإسلام يتحدى] عند ذكره لبراهين
الآخرة، ورده على المشككين فيها، وقد قدم لذلك بقوله: (إن الحياة، كما نتصور، ليست
(غدوا ورواحا)، كما يراها الفيلسوف الألماني (نيتشه)، والتي تمتلىء وتخلو كالساعة،
ولاهدف لها أكثر من ذلك.. إن الحياة (الآخرة) ذات هدف عظيم، هو المجازاة على أعمال
الدنيا، خيرا كانت أو شرا)[1]
ثم بين
مدى مساهمة العلم الحديث في تقريب ذلك، فقال: (وهذا الجزء من نظرية الآخرة يكاد
يتضح جليا حين نعلم أن أعمال كل انسان تحفظ وتسجل بصفة دائمة، وبغير توقف، فللإنسان
ثلاثة أبعاد، يعرف من خلالها، هي: نيته، وقوله، وعمله. وهذه الأبعاد