اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 285
في كل
أجهزة الإنسان من الذاكرة وغيرها، ولذلك إن أراد تكليفه، فإنه ما أسهل أن يزيل من
ذاكرته كل ما يحول بينه وبين ذلك التكليف.
ومن
الأمثلة على ذلك قوله تعالى: ﴿ وَأَقْسَمُوا بِالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ
لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ الله
وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنعام:
109] لكن الله تعالى رد عليهم بأن ذلك ليس في طاقتهم، وإنما هو لله، فقال: ﴿وَنُقَلِّبُ
أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ
وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الأنعام: 110]
ومن
أحسن الأمثلة على ذلك ما ورد في القرآن الكريم من أخذ العهد على بني آدم، فقد أخبر
الله تعالى أن البشر جميعا سمعوا ذلك العهد وأقروا به، كما قال تعالى: ﴿
وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ
وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا
أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172)
أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ
بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ﴾ [الأعراف: 172،
173]
لكنهم
نسوه في مرحلة التكليف، حتى تبلى سرائرهم، وتمحص حقائقهم، ويظهر معها طيبهم أو
خبثهم.
ثانيا ـ الحساب والموازين.. وتجليات
العدالة:
بعد
تلك الفترة التي يقف فيها أهل المحشر بحسب أعمالهم وتوجهاتهم وأممهم، والتي يختلف
زمنها بحسب كل شخص منهم، تبدأ مرحلة جديدة في ذلك العالم، هي مرحلة التجلي الأعظم
للعدالة المطلقة، والذي وردت الكثير من تفاصيلها في النصوص المقدسة.
ومن
خلال استقراء تلك النصوص نجد أنه يمكننا تقسيمها إلى أربعة مراحل على هذا الترتيب،
والذي قد يقع الخلاف في بعض تفاصيله:
الأولى:
عرض الأعمال: وهي أن يتاح لكل شخص أن يستعرض كتاب أعماله،
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 285