اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 284
يناقض صفات كماله، فالأمر باقتحام النار للخلاص
منها هو عين الحكمة والرحمة والمصلحة، حتى لو أنهم بادروا إليها طوعا واختيارا
ورضي حيث علموا أن مرضاته في ذلك قبل أن يأمرهم به لكان ذلك عين صلاحهم وسبب
نجاتهم، فلم يفعلوا ذلك ولم يمتثلوا أمره، وقد تيقنوا وعلموا أن فيه رضاه وصلاحهم،
بل هان عليهم أمره وعزت عليهم أنفسهم أن يبذلوا له منها هذا القدر الذي أمرهم به
رحمة وإحسانا لا عقوبة)[1]
هذا ما
ذكره ابن القيم في الدفاع عن ذلك التكليف، ونحب أن نعقب عليه بأن تلك الروايات
الواردة في الاختبار، والتي قد يصعب قبول ذلك الاختبار الوارد فيها.. لا يمكن
الحكم عليها انطلاقا من عالمنا، ذلك أن أولئك سيختبرون في محل آخر مختلف تماما عن
عالمنا، وربما يكون للأمر بدخول النار في ذلك العالم ما يؤيده من الحكمة والعدالة
والقيم الثابتة.
ذلك أن
التكليف بالمستحال كما هو محال في الدنيا؛ فهو محال أيضا في الآخرة، وفي كل محل،
ذلك أن رحمة الله تعالى وعدالته وكل أسمائه الحسنى تتنافى مع ذلك.
وربما
يكون أحسن المواقف في هذا هو القبول بكون أولئك الذين لم تتح لهم فرصة الاختبار في
الدنيا تتاح لهم الفرصة هناك في أرض المحشر، من غير تحديد للكيفية، لأن ذلك يرتبط
بالمعطيات الخاصة بذلك العالم.
وقد
يقال هنا: بان هؤلاء الذين عاينوا فترة البرزخ، وما بعدها من أحداث سيسهل عليهم
النجاح في الاختبار بخلاف الذين لم يروا كل ذلك، وبذلك تنتفي العدالة، لأن بعض
الممتحنين عاينوا الإجابة بخلاف غيرهم.
والجواب
على هذا وارد في النصوص المقدسة، والتي تخبر أن الله تعالى هو المتحكم