اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 229
(يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء،
كقرصة النقي، ليس فيها معلم لأحد)[1]
وهكذا ورد وصف الأهوال التي تحدث في البحار،
وأنها تفجر وتشتعل ناراً، كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ﴾
[الانفطار:3]، وقال: ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾ [التكوير:6]
أما السماء، فقد ورد أنها تمور وتضطرب
اضطراباً عظيماً، كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ﴾
[الطور: 9]، ثم تنفطر وتتشقق، كما قال تعالى: ﴿إِذَا
السَّمَاءُ انفَطَرَتْ﴾ [الانفطار: 1]، وقال: ﴿إِذَا السَّمَاءُ
انشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴾ [الانشقاق: 1 - 2]، وعند ذلك
تصبح واهية، كما قال تعالى: ﴿وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ﴾ [الحاقة:16]
وقد ورد فوق ذلك كله في القرآن الكريم ما
يشير إلى معاينة الخلق لبعض تلك الأهوال الشديدة، وفزعهم منها، مثلما رأينا في
الآيات التي تتحدث عن الزلزلة بشقيها: الزلزلة الأولى، والزلزلة الثانية.
وورد كذلك في الحديث ما يدل على معاينة البشر
لبعض تلك التغيرات التي تحصل بعد النفخة الثانية، وبعد البعث، ومنها ما ورد في
تفسير قوله تعالى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ
وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [إبراهيم: 48]،
فقد سئل عنها رسول الله a، فقال: (هم في الظلمة دون الجسر)[2]، وهو محل لا
يمكننا أن نعرف حقيقته، ولكن المهم فيه هو أنه يجيب على الإشكال الذي يطرحه من لا
يستطيع الجمع بين معاينة الأهوال، والبقاء على قيد الحياة، ذلك أن تلك الأحداث كفيلة
بألا تبقي أحدا حيا.
ونرى ـ مثلما ذكرنا سابقا، وبناء على العدالة
الإلهية ـ أن المؤمنين الذين كانوا يسلمون للقدرة الإلهية، ويؤمنون بها معفون من
الفزع المرتبط بتلك الأهوال، وإن كانوا لا يعفون
[1]
صحيح البخاري برقم (6521) وصحيح مسلم برقم (2790)