اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 12
لا
يختلف عن تلك المسكنات والمخدرات التي يهرب بها صاحبها عن الحقيقة المرة التي
يعيشها.
وهذا
العزاء الذي ذكره لا يمكن أبدا أن ينسجم مع كل الناس، ولا مع كل العقول، بل هو خاص
فقط بطبقة محدودة من أصحاب الأموال الذين يمكنهم أن يمارسوا ما يشتهون حتى يشعروا
بالعزاء، أما أولئك المستضعفين الفقراء، والذين تشكل الحياة عبئا كبيرا عليهم؛ فإن
تلك العزاءات لن تفعل لهم شيئا، فالحياة عندهم مجموعة آلام..
ولذلك
لا يستطيع الإلحاد أن ينقذهم من آلامهم، بل الوحيد الذي ينقذهم منها هو الإيمان، ولهذا
نجد الملاحدة، ولأتفه الأسباب ينهارون، وينتحرون، لأن الحياة عندهم لا معنى لها،
ولذلك لا معنى لتحمل العذاب فيها.
في مقابل هؤلاء نجد المؤمنين بالمعاد،
وبالحياة بعد الموت، وبالمصير الجميل الذي ينتظرهم نراهم ينظرون إلى الحياة بصورة
مختلفة تماما، ذلك أن الموت في أعينهم ليس نهاية الرحلة، بل هو بداية لها.. والقبر
في أعينهم ليس محلا للظلمات الأبدية المطبقة، وإنما هو محل للسعادة أو الشقاء.
ولذلك تجدهم يستعملون كل الوسائل ليظفروا
بتلك السعادة المخزّنة لهم في دار المعاد، والتي لم تستطع هذه الدنيا، بجميع ما
فيها تلبيتها لهم.
وهكذا كان الإيمان بالمعاد مدرسة تربوية
ونفسية كبيرة تهيئهم ليسيروا نحول الكمال الذي هيئ لهم.. فلا يمكن لشخص أن يسير
نحو الكمال، وهو يعتقد أن رحلته في الحياة تنتهي بموته.
ولهذا نرى الأديان والفلسفات والمدارس
التربوية المختلفة تهتم بالمعاد والحياة بعد الموت، وترى أنها من أهم القضايا التي
لا يمكن الاستهانة بها، بل لا يمكن تشكيل منظومة تربوية كاملة من دونها.
اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 12