اسم الکتاب : أسرار ما بعد الموت المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 112
الروع
والوحي، فإذا أقربهما جميعا لم يمكنه أن يحصر العلوم في التعلم ومباشرة الأسباب
المألوفة، بل يجوز أن تكون المجاهدة سبيل إليه فهذا ما ينبه على حقيقة ما ذكرناه
من عجيب تردد القلب بين عالم الشهادة وعالم الملكوت) [1]
ولعل
ما ذكره كل هؤلاء يفسر بدقة ما ورد في الحديث عن جابر بن عبد الله قال: (كنا مع
النبي a فارتفعت ريح منتنة، فقال: (أتدرون ما هذه
الريح؟ هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين)[2]
بناء
على هذا نحاول في هذا المبحث التعرف على تجليات مصير الموتى، بحسب ما دلت عليه
النصوص المقدسة، والتي ذكرت أن تلك التجليات تختلف بحسب اختلاف درجات العاملين،
وهي درجات لا نهاية لها، لكن القرآن الكريم قسمها إلى ثلاثة أقسام كبرى: المقربين،
وأهل اليمين، وأهل الشمال.
وسنوضح
بعض ما ورد عنها في العناوين التالية:
1 ـ البرزخ.. وتجليات مصير المقربين:
يذكر
القرآن الكريم أن أفضل التجليات وأعظمها وأسعدها التجلي المرتبط بمصير المقربين،
ذلك لأنهم كانوا أكثر الخلق رغبة في الله وفيما عنده، ولهذا بمجرد أن تزاح عن
أعينهم غمامة الحجاب تبرز لهم الجنان العظيمة التي كانت مخفية عنهم، حيث يشمون
روائحها العطرة، وهم ممتلئون بالبشارة.
وقد
ذكر الله تعالى ذلك، فقال: ﴿فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88)
فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ ﴾ [الواقعة: 88، 89]، أي أنهم في
تلك اللحظة التي تفصلهم عن الحياة الدنيا، يشمون الروح والريحان، ويرون الجنان..