ذلك أن الشيطان
لن يترك الحق مجردا عن الباطل، بل هو يسعى لخلطه به، حتى يكون ذلك فتنة.. ولذلك
فإنه كما أن في تلك الكتب عسل كثير، فإن فيها أيضا من السموم ما قد يقتلك.. فاجتهد
في أن تستفيد من عسلها، وإياك وسمها.
ولن تتحصن من
سمها حتى تتحصن بكتاب ربك، وهدي نبيك وورثته الذين أوصى بهم، فهم الحكم الذي يرد
إليه كل شيء، وقد قال بعض المشايخ: (إن النكتة لتقع في قلبي من جهة الكشف فلا أقبلها إلا بشاهدي
عدل من الكتاب والسنة)
وقال آخر: (كل حقيقة لا تشهد لها الشريعة فهي زندقة..
طِرْ إِلى الحق عز وجل بجناحي الكتاب والسنة، ادخل عليه ويدك في يد الرسول a)[1]
وقال آخر: (إِذا
عارض كشفُك الصحيح الكتابَ والسنة فاعمل بالكتاب والسنة ودع الكشف، وقل لنفسك: إِن
الله تعالى ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة، ولم يضمنها لي في جانب الكشف
والإِلهام)[2]
ولهذا اشتد
الصالحون على أصحاب الطامات والدعاوى الذين لا يعطون للربوبية حقها من التعظيم،
فاحذر هؤلاء، فهم مستدرجون، وليسوا عارفين، فأول علامات العارف أن يتحقق بما وصف
الله تعالى به عباده حين قال: { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى
الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)
وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ
يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ
غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا
أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا