اسم الکتاب : هكذا تكلم لقمان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 34
فالفلاح الذي يحرث الأرض، ثم يزرعها، ثم يسقيها، ثم يتعاهدها
بكل ما تحتاجه من صنوف الرعاية هو الوحيد الذي يحق له أن يتمنى رؤية الثمار،
والاستفادة منها.
أما ذلك الكاذب
الذي ينظر إلى الأرض، ويتمنى أن تخرج له خيرها من غير أن يبذل أي جهد، ولا أن يقدم
أي عمل، فهو كاذب على نفسه، وعلى ربه.. فالله الرزاق هو نفسه الذي أمرنا ببذل
الجهد، حتى ننال الثمار التي نرجوها، وفي كل المجالات.
وقد قال مبينا
سبل الهداية، وأنها لا تنال إلا بالمجاهدة: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا
لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:
69]، فقد رتب الهداية على المجاهدة، ولا يمكن لأحد نائم وكسول أن ينال أجر
المجاهدين.
ولذلك كان أول
ما أمر به رسول الله a هو القيام، لأن القاعد لا يمكن أن يفعل
شيئا، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا
} [المزمل: 1، 2]، وقال: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2)
وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)
وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ } [المدثر: 1 - 7]
ولذلك فإن الذي
لا يقوم، بل يظل متدثرا، ومتزملا لن ينال شيئا.. ولهذا بذل رسول الله a كل ما أوتي من طاقة، وتحرك في كل المجالات إلى أن أدى الرسالة التي وكلت
إليه أحسن أداء.
ومع ذلك كله كان
يكثر من الاستغفار، لاستشعاره التقصير في حق الله، وكان يردد كل حين: ، وهذا من
كمال عبوديته، وعظم مقام الألوهية عنده، وفي هذا كان يقول:
اسم الکتاب : هكذا تكلم لقمان المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 34