responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : لا تفعل المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 18

من دون أن يبذلوا أي جهد، ولا يتكلفوا أي ندم أو توبة، وكنت تتصور وأنت تفعل ذلك أنك ترغبهم في الدين، وتملؤهم شوقا لله وتعظيما له، وقد ذكرت لهم في أثناء ذلك أولئك الذين سميتهم منفرين عن دين الله.. أولئك الذين يحدثون الناس عن عذاب القبر، والآلام التي تنتظرهم إن هم تجاوزوا حدود الله.

أعلم أنك فعلت كل ذلك بحسن نية، وأنك لم ترد منهم جزاء ولا شكورا، ولكنك لم تعلم ما فعل أولئك الشباب المراهقون بعد أن خرجوا من عندك.. نعم خرجوا وهم يحمدون الله على رحمته الواسعة، ولكن شكرهم لله كان يشبه شكر ذلك اللص الذي قبل يد الشرطي بعد أن كتم عليه كل جرائم اللصوصية التي قام بها، وقطّع ملفه، ولم يرسل به إلى المحكمة ليأخذ عقابه، وليرد ما سرقه لأصحابه.

لقد خرج ذلك اللص من مخفر الشرطة، وهو يسبح بحمد ذلك الشرطي، ويلقي قصائد الثناء على رحمته، لكن أولئك المساكين الذين انتهكت أعراض بيوتهم امتلأوا حقدا على الشرطي، لكونه رحم اللص، ولم يرحمهم، ومارس الرحمة في غير محلها، وقدم الرحمة على العدالة، وأتاح الفرصة لكل المجرمين ليملأوا الأرض فسادا وجورا.

أنت ـ أيها الرفيق العزيز ـ تشبه ذلك الشرطي في رحمته ولطفه ولينه.. والفرق بينكما أنه ربما يكون قد تعامل مع لص واحد بتلك الطريقة، وفي شؤون مادية قد لا تضر كثيرا، لكنك فعلت ذلك مع جمهور كبير، كان يمتلئ ورعا وتقوى ومخافة من الله؛ فرحت تزيح تلك الحواجز، وتمزق القوانين، لتتيح للرغبات المكبوتة أن تفعل ما يحلو لها، لا في الأمور المادية فقط، وإنما في غيرها أيضا.. لذلك كان ذلك الشرطي أكثر رحمة وعدالة منك.

قد لا يكون كلامي ذا أهمية بالنسبة إليك، ولذلك أدعوك لقراءة كلام ربك، لترى كيف يمزج الله رحمته بعدله وغضبه حتى يردنا إلى حد الاعتدال؛ فالله تعالى يأمر

اسم الکتاب : لا تفعل المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 18
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست